إنها امرأة غيرت وجه التاريخ لم تكن
كباقي الجاريات، بل تميزت بالذكاء الحاد، والفطنة،
والجمال كما أنها كانت متعلمة، تجيد القراءة، والخط..
إنها
شجرة الدر ت 655 هـ شجرة الدر الصالحية،
أصلها من جواري الملك الصالح نجم الدين أيوب.اشتراها في أيام أبيه،
وحظيت عنده، وولدت له ابنه خليلا، فأعتقها وتزوجها، فكانت معه في البلاد الشامية،
لما كان مستوليا على الشام، مدة طويلة.ثم لما انتقل إلى مصر وتولى السلطنة..
لقي
السلطان "الصالح أيوب" ربَّه في ليلة النصف من شعبان (سنة 647هـ) والقوات الصليبية
تزحف جنوبًا على شاطئ النيل الشرقي لفرع دمياط؛ للإجهاز على القوات المصرية الرابضة
في المنصورة، وكانت إذاعة خبر موت السلطان في هذا الوقت الحرج كفيلة بأن تضعف
معنويات الجند، وتؤثر في سير المعركة.
جهادها
ضد الصليبيين
ويذكر التاريخ أن شجرة الدر وقفت موقفًا رائعًا،
تعالت فيه على أحزانها، وقدمت المصالح العليا للبلاد، وأدركت خطورة الموقف العصيب،
فأخفت خبر موته، وأمرت بحمل جثته سرًا في سفينة إلى قلعة الروضة بالقاهرة، وأمرت
الأطباء أن يدخلوا كل يوم إلى حجرة السلطان كعادتهم، وكانت تُدخل الأدوية والطعام
غرفته كما لو كان حيًا، واستمرت الأوراق الرسمية تخرج كل يوم وعليها علامة السلطان.
وتولت شجرة الدر ترتيب أمور الدولة، وإدارة شئون الجيش في ميدان القتال،
وعهدت للأمير "فخر الدين" بقيادة الجيش، وفي الوقت نفسه أرسلت إلى توران شاه ابن
الصالح أيوب تحثه على القدوم ومغادرة حصن كيفا إلى مصر، ليتولى السلطنة بعد أبيه.
وفي الفترة ما بين موت السلطان الصالح أيوب، ومجيء ابنه توران شاه في (23 من ذي
القعدة 648هـ = 27 من فبراير 1250م)، وهي فترة تزيد عن ثلاثة أشهر، نجحت شجرة الدر
في مهارة فائقة أن تمسك بزمام الأمور، وتقود دفة البلاد وسط الأمواج المتلاطمة التي
كادت تعصف بها، ونجح الجيش المصري في رد العدوان
الصليبي، ولقي الصليبيون خسائر فادحة في موقعة
المنصورة..!