منزلتها في الإسلام :
وللصلاة في الإسلام منزلة ، لا تعدلها منزلة أي عبادة أخرى ، فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به ، قال رسول الله (
صلى الله عليه وسلم) :
(رأس الأمر الإسلام ، وعموده لصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ) ( الترمذي 2616 مطولاً عن معاذ)
وهى اول ما أوجبه الله تعالى من العبادات ، تولى إيجابها بمخاطبة رسوله ليلة المعراج ، من غير واسطة ، وهى أول ما يحاسب عليه العبد ،
نقل عبد الله بن قرط ، قال : قال رسول الله (
صلى الله عليه وسلم) :
( أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله ) رواه الطبراني .
وهى آخر وصية وصى بها رسول الله(
صلى الله عليه وسلم ) أمته عند مفارقة الدنيا ، جعل يقول وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة :
( الصلاة الصلاة ، وما ملكت أيمانكـم ) (ابو داوود )
وهى آخر ما يفقد من الدين فإن ضاعت ضاع الدين كله ، قال رسول الله(
صلى الله عليه وسلم ) :
( لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة ، فكلما انتقضت عروة ، تشبث الناس بالتي تليها ، فأولهن الحكم ،وآخرهن الصلاة ) ( رواه ابن حبان ).
والمتتبع لآيات القرآن الكريم يرى أن الله سبحانه وتعالى يذكر الصلاة ،
ويقرنها بالذكر تارة
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) (
العنكبوت 45 ) وتارة يقرنها بالزكاة
وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاة)َ (
البقرة 110 )
ومرة بالصبر : (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ ) (
البقرة 45)
ومرة بالنسك :
( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (
الكوثر 2 ) .
وأحياناً يفتتح بها أعمال البر ويختتمها به ، كما في أول سورة المؤمنون :
(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) إلى قوله تعالى :
( وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ*الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (
المؤمنون 1 - 11 ) .
وقد بلغ عناية الإسلام بالصلاة ، أن أمر بالمحافظة عليها في الحضر والسفر والأمن والخوف ،
فقال تعالى :
( حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ* فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ) ( البقرة )
وقال مبيناً كيفيتها في السفر ، والحرب، والأمن : (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً * وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً * فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً ( النسـاء 101 : 103 ) .
وقد شدد النكير على من يفرط فيها وهدد الذين يضيعونها ، فقال - جل شأنه - : ( فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً )
ولأن الصلاة من الأمور الكبرى التي تحتاج إلى هداية خاصة ، سأل إبراهيم ، عليه السلام ، ربه أن يجعله هو و ذريته مقيماً لهـا ، فقال
( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء ) ( إبراهيم 40 )
المصدر : كتاب فقه السنـة