دمـــــــــوع رجــــــــــــل

دمــــوع رجـــــل..!!

خلا بنفسه في هذه الغرفة الخارجية ..كعادته ..
ولكن هذه المرة كان الشعور غريبا..
بين مصدق ومكذب ..
ألقى بجسمه النحيل على الأريكة..
أغمض عينيه ليستسلم للذكريات لعلها تنسيه مرارة الحاضر ..

تذكَرها وهي تمسك بيديه بشدة ..
وتبتسم قائلة:أنت أقرب شخص لي..
رفعت(هي) رأسها وأغمضت عينيها وبنبرة ألم قالت:يااه لا أتخيل هذه الدنيا بدونك..

كانت تكبره بسنوات كثيرة ..
لكنها كانت أول قلب احتضنه في وقت كربته..

كان في سن المراهقة ..شخص لا يحتمل ..
أخطاؤه كثيرة ..
وزلاته أكثر..
أهل بيته باتوا أعدائه ..
إلا هي ..
أخـــــتـــــه..

.كانت تتفهم تصرفاته رغم أنها لا تؤيده إلا أنها احتوته..بكل الحب .
.كانت تنصحه كثيرا ..بطرق مختلفة ..
..تبكي لألمه..
وتحترق ..لفراقه..

كم كان قاسيا عليها عندما حدثت مشادة بينه وبين والده ليترك البيت غاضبا ..لفترة ..
ولا يرد على مكالماتها بل كان يغلق هاتفه المحمول كليا!!!
كان يسهر لوقت متأخر ..
حتى اذا اقترب وقت صلاة الفجر ..
غلبه النعاس لينام..

فكانت قربه ..
تحاكيه كالطفل..
وتدللــه ..ليضحك..
لعله يحضى بصلاة الفجر جماعة في المسجد..

افتقدها كثيرا بعد زواجها وكانت تصر عليه أن يأتي لزيارتها في بيتها إلا أنه كان يقدم لها ألوان الأعذار ..
حدث أن زارها مرة بدون موعد.
كان بابها مفتوحا ..
تنتظر قدوم أبنائها من المدرسة..
دخل بهدوء..

عندما رأته أمامها ..!!

ركضت نحوه..بكل حب ضمته إلى صدرها
لم يكن يتوقع أن تكون هذه الزيارة ..تسعدها على هذا النحو..!!
لن ينسى سعادتها أبداخاصة بعدما أمسكت يديه ..تٌقبِلها ..
فاجأته..!!

ولم يملك حينها إلا أن يصمت..
حتى لا تفضحه عبراته..

ليس هناك أدنى شك في أنه يحبها كثيرا ..
ولكن هناك أمور كثيرة تشغله عنها ..

لازال يتذكر صوتها وهي تبكي ..فيهرع إليها ليرسم أجمل ابتسامة في ذلك الوجه الجميل ..
كانت تتميز بخفة ظلها وروح الدعابة التي فيها ..
كانت ماهرة في رسم ابتسامة على وجهه وإن كان في أشد حالة من الضيق..
تظهر براعتها في جعله يضحك..
بتذكر مواقف كثيرة ..مضحكة ..

تشاركه الضحك ..
بضحكاتها المرتفعة..
تتجسد له براءة العالم..
وجمال روحها..

فتح عينيه لازال يشعر بألم في صدره ..
التفت وإذا بعلبة السجائر ..أمسك واحدة ..
وتذكرها مرة أخرى ..كيف كانت تتضايق عندما يدخن ..فتنهره تارة ..وتدعوا له تارة أخرى ..
كان يتضايق كثيراخصوصا إذا سحبت منه السيجارة

كانت تقول :لن أسمح لهذا الشيء التعيس أن يأخذك مني ..
فلا أتخيل حياتي بدونك ولا أريد ان أراك تتعذب بسببها في المشفى ..
مازالت كلماتها ترن في أذني ..
قام وجمع السجائر كلها وألقاها بعيدا ..

ونظر إلى غرفته ..
أمسك باسطوانة مليئة بالأغاني ..
لتظهر له صورتها من جديد ..وهي تغني له بصوتها جميل..
وتقول مداعبة :"هيا برنامج ما يطلبه المستمعون ..اطلب أجمل القصائد"..
ابتسم ابتسامةالحزين..
وكأنه يتقذ بقايا مشاعره من الانهيار..!!

أمسك الاسطوانة بيده.نظر إليها مليا..
قام ..وأخذها كلها ليلقيها في سلة المهملات ..
صوت الأذان يشق سمعه..
قشعريرة سرت في جسده هب بسرعة..
توضـــــــأ..
وذهب إلى المسجد ماشيا ..
قال :أين أنت لتري أخاك يذهب إلى المسجد..
كم كنت تحلمين أن تشاهدي هذا المنظر ..
ها أنـــا ذا ..!!
لم يشعر إلا والدموع تتساقط من عينيه..

لن تــــــراه ..!!

.لقد واروا للتو جثمانها ..
فقد أخته ..
في حادث سيارة ..