قصة القرآن الكريم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
وسلام على النبيّ المصطفى
أما بعد
نعيش اليوم مع قصة القرآن الكريم ..وتبدأ القصة بالمرحلة الأولى ...المرحلة الأولى
وأعني بها المرحلة التي قضاها القرآن في الملأ الأعلى قبل أن ينزل على رسول اللهصلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّمفالقرآن قديم لأنه كلام اللهوقد أودعه الله في خزينة الأسرار– في اللوح المحفوظ –يوم خلق السّموات والأرض وظل القرآن هناكتنتظر الدنيا على شوق ..... الإنسان العظيم الذي سينزل عليهحتى بعث النبيّ الكريم...صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّمكما تحبه وترضاه آمين
المرحلة الثانية
وهذه المرحلة هي التي عنتها النصوص
القرآنية الآتية
{ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ . وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ
عَظِيمٌ . إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ . فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ .
لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ . تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ }
الواقعة 75 – 80
والله تعالى عندما يقسم على كرم القرآن
بمواقع النجوم
فهذا القسم يحكي
دقة تنظيم النجوم في السّماء كما يحكي دقة
تنظيم الآيات في القرآن...
انه لقرآن كريم
لأن الذي نزل من عنده كريم
ونزل على نبيّ كريم
ونزل بدين كريم
كما أنه كريم لأنه يجود على كل سائل ويعطي
كل قاصد...
في كتاب مكنون
هذا الكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ
قال تعالى :
{ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ . فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ }
البروج 21 – 22
وظل القرآن في لوح محفوظ
لا يصل إليه سوى الملائكة المطّهّرون
وهم الذين عناهم الله بهذا الوصف العظيم
لا يمسه إلا المطهرون ..
وقد أكدت هذا القول سورة عبس
قال تعالى
في وصف الملائكة الذين تصل أيديهم الطاهرة
إلى القرآن في اللوح المحفوظ ...
{ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ . فَمَن شَاء ذَكَرَهُ . فِي صُحُفٍ
مُّكَرَّمَةٍ . مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ .
بِأَيْدِي سَفَرَةٍ . كِرَامٍ بَرَرَةٍ }
عبس 11- 16
ولعل هذا هو السر
في أن الرسول الكريم اخبر أن قارئ القرآن
المتقن لقرأته مع السّفرة الكرام البررة...
وهذا البيان القرآني يبطل دعوى المشركين
التي يقولون فيها
أن محّمدا يعلمه شيطان ...
صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم
حاشا لله تعالى
{ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ . فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ }
التكوير 25 - 26
وذلك لان الشّياطين لا تمس اللوح المحفوظ...
ثمّ لانّ الشّياطين لا تستهدف الإصلاح ...
والقرآن كله إصلاح...
قال تعالى
{ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ . وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ
وَمَا يَسْتَطِيعُونَ . إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ
لَمَعْزُولُونَ }
الشعراء 210 - 212
ولعل هذا (( اطلاع الملائكة على اللوح المحفوظ ))
هو الذي أعلم الملائكة
أن بني ادم سيسفكون الدماء ويفسدون في الأرض
مما جعلهم يتساءلون
– بحثا عن سر الخلافة وليس اعتراضا على الله
{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ
خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا
وَيَسْفِكُ الدِّمَاء
وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ
مَا لاَ تَعْلَمُونَ }
البقرة 30
وأقول (بحثا عن السر وليس اعتراضا على الله )
لان الملائكة لا يسبقون الله بإعلان رأيهم
{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ
مُّكْرَمُونَ . لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ
يَعْمَلُونَ }
الأنبياء 26 – 27
هكذا كان القرآن في الملأ الأعلى إلى أن نزل
على النبي العظيم...
صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم
كما تحبه وترضاه آمين
فلما بدأ نزوله على النبيّ - المرحلة الثانية -
من القصة
نزل القرآن بكل ما له من خصائص ...
فهو في كتاب مكنون
لا يصل إليه الفساد
ولا يؤثر فيه الزمن
قال تعالى
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }
الحجر9
لا يمسه إلا المطّهّرون...
فلا يجوز لغير المتوضئ لمسه إلا بغلاف
وهذا الحكم أسسته السّنة المطّهّرة
حتى يبقى للقرآن في المرحلة الثانية
خصائص المرحلة الأولى كاملة
وظل القرآن في الأرض يعلم ويربي
ويقود مسيرة الدنيا كاملة...
يحكم فيطاع
ويأمر فتلبي النفوس
وينهى فتنزجر الضمائر
إلى أن جاءت المرحلة الثالثة ...
المرحلة الثالثة
وفيها ظهر طراز من الناس يحكم علىالقرآن برأيهويهاجمه بهواه ويحمله نتيجة جهله المشينبلا حياءيناقش الشاب فيقول لي :إن القرآن لا يصلح لركب الحياة الآنوأرفق به واسأله :هل قرأت القرآن مرّة واحدة ؟؟؟فأعلم أنه لم يفتحه في يوم من الأيام !!!كيف يحكم على القرآن من لم يدرسه أو حتى يقرأه ؟؟أو يقول أحدهمأن القرآن قد أدى رسالته في الزمن الماضي وسلّم للعلم قيادة الحياةواسأل :- لو أن قرآنا نزل اليوم ماذا يقول ؟؟؟؟هل سيقول اعبدوا الله تعالى أو يأمر بالكفر به ؟؟هل سيأمر بمعروف أو بمنكر ؟؟هل سيأمر بالتعاون بين طبقات الأمة أم لا ؟؟إن كان من عند الله تعالى فلابد سيأمر بالخيروالخير موجود في القرآن القديم....فماذا يفعل القرآن الجديد ؟؟وأي تعارض بين القرآن والعلم حتى يتصور بعض الناس أنهما يتنازعان القيادة......ألم يأمر الإسلام بالعلم ويكرّم العلماء ؟؟إنّ العلم مفتاح الكون....... والكون آية علىعظمة الله تعالىفأي تعارض بين كون الله تعالى وكتابهويجب أن يعلم القارئ الكريم أنلكل أمة ثقافة توجّه فكرها وتمجد تراثهاهذه الثقافة تختلف فيها الأمة مع الأمم الأخرىلأن لكل أمة تراثها وثقافتهاوهي مع ذلك تشترك مع الأمم الأخرىفي الحقائق العلميةفالعلم مشترك بين الجميعلا تختلف فيه أمة مع الأخرىفأي تعارض بين الثقافة الإسلامية والتسابق العلميفلنأخذ العلم من كل مكان ولنقدس ديننا العظيمهذه قصة القرآن في مراحله الثلاثةأوضحها لكحتى لا نخطئ فهم القرآن