FAT كينج الموقع
عدد المساهمات : 1362 نقاط : 2075 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 02/12/2009 العمر : 68
| |
FAT كينج الموقع
عدد المساهمات : 1362 نقاط : 2075 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 02/12/2009 العمر : 68
| موضوع: رد: المقومات الفكرية والشخصية لخالد بن الوليد الثلاثاء مارس 09, 2010 5:04 pm | |
| وهذه أمثلة من معاركه:
1-معركة أحد: في السنة الثالثة من الهجرة يوم السبت (15 من شوال) وقعت معركة أحد، بتصميم من مشركي قريش على أخذ الثأر والانتقام من انتصار المسلمين عليهم في معركة بدر (يوم الفرقان) في السنة الثانية من الهجرة، وكان عدد جيش القرشيين ثلاثة آلاف، بينهم سبعمائة دارع، ومعهم ثلاثة آلاف بعير، ومائتا فرس، وخمس عشرة امرأة قرشية في هودج بقيادة هند لتقوية معنويات القرشيين، وعدد من النساء يحملن الدُّف والطبول.
وكان عدد المسلمين في مبدأ الأمر ألفاً، وبقوا سبعمائة رجل فحسب، بعد انخذال عبد الله بن أُبي بن سلول عنهم، ومعه ثلاثمائة من المنافقين
نظم النبي ( مواقع جيشه وتعبئة جنوده، وجعل ظهره لجبل أحد ووجهه للمشركين وجعل على كل فرقة منه قائداً، واختار خمسين من الرماة بقيادة عبد الله بن جبير الأنصاري لحماية ظهر المسلمين من التفاف المشركين وراءهم، وقال لهم: [احموا ظهورنا، لا يأتونا من خلفنا، وارشقوهم بالنبل، فإن الخيل لا تقوى على النبل، إنا لا نزال غالبين ما ثبتم مكانكم، اللهم إني أشهدك عليهم... وإن رأيتمونا تخطفنا الطير، فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هَزَمنا القوم أو ظاهرناهم وهم قتلى فلا تبرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم].
انتصر المسلمون في مبدأ القتال، وانهزم الأعداء، فبادروا إلى أخذ غنائم المشركين وتركوا أمكنتهم، فانكشف ظهر المسلمين، وأجابوا رئيسهم عبد الله بن جبير الذي حذرهم من ترك موقعهم، فقالوا: إن الحرب قد انتهت، ولا حاجة للبقاء حيث هم.
وكان خالد بن الوليد على ميمنة جيش المشركين، فرأى فراغ خلفية جيش المسلمين، فكرّ عليهم من خلفهم، وأعمل فيهم القتل بالسيوف، فاضطربوا، وأشيع أن الرسول قد قتل وعاد بعض المسلمين إلى المدينة، وحاول المشركون قتل الرسول (، فثبت مكانه مع نفر من المؤمنين كأبي دُجانة وسعد بن أبي وقاص، ونسيبة أم عمارة الأنصارية التي تركت سقاية الجرحى، وأخذت تقاتل بالسيف، وترمي النبل، دفاعاً عن رسول الله (، فجرحت يومئذ اثني عشر جرحاً، وأعيد تجميع قوات المسلمين في أحد، وتراجعوا إلى مواقع حصينة في جبل أحد، لحماية انسحابهم دون خسارة كبيرة، وانصرف المشركون بعد أن صدّق أكثرهم إشاعة مقتل النبي ومنهم أبو سفيان القائد العام، ورأوا أن الهزيمة كانت تامة، وانتهت المعركة، وقال أبو سفيان: "يوم بيوم بدر"
وكان خالد سبب النصر، حيث فطن للحيلة الحربية، مع شدة مناوشة السيوف، فبلغ عدد قتلى المسلمين سبعين، وقتلى المشركين ثلاثة وعشرين.
2-غزوة الأحزاب (الخندق):
وقعت هذه الغزوة في شوال من السنة الخامسة للهجرة، كان جيش المشركين عشرة آلاف، وعدة المسلمين ثلاثة آلاف، شارك في جيش أهل الشرك: اليهود (من بني النضير وبني قريظة) وقريش بقيادة أبي سفيان، وقبيلة غَطَفان (أشجع وبني فزارة وبني مُرِّة) بقيادة عُيَيْنة بن حصن، وأمر الرسول ( بحفر خندق حول المدينة أخذاً بمشورة سلمان الفارسي.
فحاصر المشركون المدينة بضعة عشر يوماً، فلم يتمكنوا من تحقيق هدفهم وهو استئصال المسلمين، لأسباب:
أولها- صمود المسلمين ورفضهم اقتراح الصلح مع قائدي غطفان على ثلث ثمار المدينة.
ثانيها- قتل الإمام علي ( وهو فتى عمرو بن وُدّ العامري الذي اقتحم الخندق بحصانه الأصيل، بعد أن نزل عن فرسه، فعقره علي وضرب وجهه، ثم تنازلا وتجاولا، فقتله علي ).
ثالثها- تفريق نعيم بن مسعود بين المشركين ويهود بني قريظة بزرع الفتنة بينهم، حيث طالبهم ألا يقاتل هؤلاء اليهود مع قريش إلا برهائن تسعين من رجالهم، وهم لم يعلموا بإسلام نعيم.
رابعها- إرسال ريح باردة في ليلة شديدة البرد شاتية على جيش المشركين بقيادة أبي سفيان، فكفأت قدورهم مزّقت خيامهم، وانتشر الرعب بينهم (39)، فرحلوا على الرغم من مصاولات خالد بن الوليد.
فقد كان خالد يطوف بخيله حول الخندق يلتمس مضيقاً يقحم منه الخيل، فأعياه. وكان هو الموكل بالنبي عليه الصلاة والسلام في كتيبة كثيفة من خيل قريش، فاندفع يقاتل سحابة النهار وهزيعاً من الليل، إلى أن تحاجز الفريقان، وارتد المشركون منهزمين. وارتد خالد بعد يلتمس الغرة، وكاد أن يظفر بها، لولا حرس من المسلمين بقيادة أسيد بن حُضَير تنبَّه له وفوت عليه غرضه، وانتهى القتال، وهو لا يزال على الطلب والطواف، ثم لبث هو وعمرو بن العاص على ساقة الجيش في مائتي فارس ردءاً للجيش كله، مخافة أن يتعقبه المسلمون
3-غزوة الحديبية:
حدثت هذه الغزوة في ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة، وفيها تصدى خالد مرة أخرى للنبي عليه الصلاة والسلام، وهو معتمر في طريقه إلى مكة، في نحو ألف وخمسمائة من المسلمين، لا يحملون سلاحاً غير السيوف في القُرُب، وكان مع خالد مائتا فارس قبل بلوغ مكة؛ وهمَّ خالد بعد أن صلى الرسول ( بأصحابه العصر صلاة الخوف أن يغير عليهم لولا نخوة من الفروسية، ردّته مع فرسانه خائبين، قال خالد واصفاً ذلك بعد إسلامه:
"همسنا أن نغير عليهم، ثم لم يُعزم لنا، وكان فيه خيرة، فاطلع على ما أنفسنا من الهجوم به، فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف، فوقع ذلك مني موقعاً، وقلت: الرجل ممنوع"
4-موقعة مؤته:
وقعت في جمادى الأولى في السنة الثامنة من الهجرة، ومؤتة هي الآن في شرق الأردن في أرض البلقاء من أرض الشام، وهي أول موقعة خارج الجزيرة العربية، وكان عدد جيش المسلمين نحواً من ثلاثة آلاف بقيادة زيد بن حارثة أمير الناس، فإن قتل جعفر بن أبي طالب، فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة (42).
وكان عدد جيش الروم زهاء مئة ألف كما في سيرة ابن هشام وغيره، والظاهر أن العدد لا يزيد عن عشرين ألفاً، وانضم إليهم من قبائل العرب: لخم وجُذَام والقيْن وبهراء.
التقى الجيشان، وقتل القادة المسلمون الثلاثة، فأخذ الراية ثابت بن الأقرم أخو بني العَجْلان، فقال: يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت، قال: ما أنا بفاعل، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، فلما أخذ الراية دافع القوم، وحاشى بهم، ثم انحاز وانحيز عنه ، حتى انصرف بالناس.
وكان اشتراك خالد في هذه الموقعة بعد ثلاثة أشهر من إسلامه. وقد استطاع بموهبته العسكرية أن ينسحب بعد مناورة في تغيير تعبئة الجيش، فظن الروم أن المسلمين قد جاءهم مدد، فانسحبوا، وعدّ النبي ( هذا الانسحاب الإسلامي نصراً حربياً مؤزراً، حمى به خالد الجيش، فإنهم بعد عودتهم إلى المدينة المنورة استقبلهم الناس قائلين: أنتم الفُرّار، فقال النبي (: [بل أنتم الكُرّار، وأنا لكم فئة].
وعرف خالد بعد هذه الموقعة بأنه سيف الله كما لقبه النبي (، روى البخاري عن أنس بن مالك (: [أن رسول الله ( نعى زيداً وجعفراً وابن رَوَاحة للناس قبل أن يأتيهم خبر، فقال:
أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم] أو ((ففتح الله عليه)).
وروى البخاري أيضاً عن عبد الله بن عمر، قال: [أمّر رسول الله ( في غزوة مؤته زيد بن حارثة، فقال رسول الله (: إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة قال عبد الله: كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب، فوجدناه في القتلى، ووجدنا في جسده بضعاً وتسعين من ضربة ورمية].
5-فتح مكة:
حدث فتح مكة في رمضان في السنة الثامنة من الهجرة. وكان عدد جيش المسلمين حين خروجهم من المدينة عشرة آلاف، ثم انضم إليهم في الطريق عدد من قبائل العرب.
وفي (مَرَّ الظهران) أسر المسلمون أبا سفيان واثنين معه، فأسلم أبو سفيان، والتقى الرسول ( عمه العباس مسلماً مهاجراً إلى المدينة، فقال النبي: "إن أبا سفيان رجل يحب الفخر، فاجعل له شيئاً يفتخر به"، فقال: [من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن].
كان فتح مكة لعشر مضين من رمضان سنة ثمان لنقض أهلها العهد الذي وقع بالحديبية، وللفقهاء، رأيان في صفة فتحها، يرى الشافعية أن مكة فتحت صلحاً ويرى جمهور العلماء أنها فتحت عنوة أي قهراً
من براهين الجمهور: أن أبا سفيان قال للنبي (: "أبيدت خضراء قريش" وأن خالد بن الوليد قتل في أسفل مكة بضع عشرة نفساً، وقيل: سبعين من قريش، حتى انهزموا حينما بعثه رسول الله، والزبير، كل من ناحية في نواحي مكة، وقال لهما: [لا تقاتلا إلا من قاتلكما] بأسفل مكة، قاتلهم فهزمهم الله عز وجل، ولم يكن بمكة قتال غير ذلك
ومن أدلة الشافعية: أنه لو كان فتح مكة عنوة، لقسمت غنائمها من عقار ومنقول، وتملكها الغانمون، مع أن النبي ( لم يفعل ذلك، وإنما دخلها ( متأهباً لقتال، خوفاً من غدرهم ونقضهم للصلح الذي بينه وبين أبي سفيان قبل دخولها.
قال ابن عبد البر: "لم يصح لخالد بن الوليد مشهد مع رسول الله ( قبل الفتح (فتح مكة)"
6- غزوة هوازن يوم حنين:
كانت في العاشر أو الخامس من شوال سنة ثمانٍ من الهجرة، وكان عدد المقاتلين من قبائل همدان (هوازن وثقيف وجُشَم) ما بين عشرين إلى ثلاثين ألفاً، بقيادة مالك بن عوف النصري الشاب في نحو الثلاثين، وعدد المسلمين اثنا عشر ألفاً، عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار، وألفان من أهل مكة.
وأسند النبي ( إلى خالد بن الوليد قيادة الخيل إليه على طليعة الجيش، ثم سأل عنه بعد هزيمة في مبدأ الأمر عند اشتباك الجمعين. وكان مع خالد مائة فارس من بني سليم.
كانت هذه الموقعة من أكبر المواقع أو المعارك الإسلامية، أعجب المسلمون بكثرتهم، فلم يكترثوا بعدوهم، فقال أبو بكر الصديق أو غيره: "لن نغلب اليوم من قلة!" وعبر القرآن الكريم عن هذا في قوله تعالى: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) [التوبة 25].
فوجئ المسلمون بهجمة الأعداء المكثفة بكمين شدوا فيه شدة رجل واحد، عند صلاة الصبح، فردهم المسلمون على أعقابهم، ثم انشغلوا بجمع الغنائم كما حدث في معركة أحد، فاستقبلهم المشركون بالسهام، ففرقوا جموعهم، وفر أهل مكة وبقي رسول الله ( ثابتاً على بغلته يقول:
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
وكان أبو سفيان آخذاً بركاب رسول الله
وأشيع بين المسلمين كما في أحد تماماً أن النبي ( قد قتل، ولكن ثبت معه نفر من المسلمين المهاجرين والأنصار، ونادى العباس بصوته الجهوري في المسلمين: "إن رسول الله لا يزال حياً" ونادى رسول الله ( ذات اليمين قائلاً: [أين أيها الناس؟ هلموا إلي أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله] فعاد إليه المدبرون، فقاتلوا بشدة وبأس وقال النبي ( حينئذٍ: [الآن حمي الوطيس] وانتصروا كرة أخرى، وغنموا غنائم كثيرة، وفر قائد المشركين مالك بن عوف حتى دخل حصن الطائف مع أناس من أشراف قومه، وأسلم عند ذلك ناس كثير من أهل مكة حين رأوا نصر الله ورسوله وإعزازه دينه
قال ابن إسحاق: "فلما انهزمت هوازن، استحر القتل من ثقيف في بني مالك فقتل منهم سبعون رجلاً تحت رايتهم التي كانت مع ذي الخمار".
وقتل رجل من بني كبة يقال له الجلاح، فقال رسول الله ( حين بلغه قتل الجلاح:
[قتل اليوم سيد شباب ثقيف إلا ما كان من ابن هنيدة] يعني الحارث بن أويس.
وذكر ابن إسحاق أن رسول الله ( مرّ يومئذ بامرأة قتلها خالد بن الوليد، والناس متقصفون عليها ) فقال لبعض أصحابه: [أدرك خالداً فقل له: إن رسول الله ينهاك أن تقتل وليداً أو امرأة أو عسيفاً] أي أجيراً.
وظل خالد في هذه الموقعة يقاتل مثقلاً بالجراح، لا يقوى على السير من مؤخرة رحله، فبارك له النبي (، وواساه. أما الهزيمة بعد الهجمة الأولى فكانت بسبب المباغتة والكمين، لم يكن لخالد يد فيها ولا طاقة باتقائها، والحرب دائماً كر وفرّ، ونصر وهزيمة، ولم يكن له تدبير ومشيئة.
وكان خالد على مقدمة رسول الله ( يوم حنين في بني سليم
7-موقعة خيبر:
كانت في أواخر المحرم للسنة السابعة من الهجرة، وخيبر كانت مسكن اليهود على مسافة مائة ميل من شمال المدينة المنورة. وكان فيها نحو من عشرة آلاف مقاتل، وعندهم كميات كبيرة من السلاح والعتاد، وكانوا أهل مكر وخداع.
ذكر بعض المؤرخين أن خالد بن الوليد شهد خيبر، والواقع خلافه، قال الواقدي (54): "الثابت عندنا أن خالداً لم يشهد خيبر، وأسلم قبل الفتح –فتح مكة –هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة أول يوم من صفر سنة ثمان"
8-غزوة تبوك أو غزوة العسرة:
كانت في رجب سنة تسع من الهجرة، وتبوك: بلد شمال الحجاز على طريق الشام. سار إليها المسلمون في أعظم جيش (30 ألف مقاتل) في الصيف لمواجهة الروم الذين جمعوا جموعاً كثيرة بالشام، ضمت من نصارى العرب قبائل لخم وجذام وعاملة وغسان. وكان من المسلمين عشرة آلاف من الخيل.
أمر النبي ( خالد بن الوليد بالذهاب إلى أكيدر دومة، ليأتيه به، فاقتحم الحصن في أربعمائة وعشرين فارساً، واستسلم الأمير ومن فيه، وصالحه على الجزية، ثم خلى سبيله.
وتخلف عنها المنافقون قائلين: لا تنفروا في الحر، زهداً في الجهاد، وشكاً في الحق، وإرجافاً بين المسلمين. وكان أبو بكر الصديق أمير المهاجرين وخالد بن الوليد أمير الأعراب في غزوة دومة الجندل.
وجاء جماعة من الأنصار وهم سبعة نفر إلى رسول الله ( وهم البكاؤون، وطلبوا تزويدهم بالسلاح، وكانوا أهل حاجة، فقال: لا أجد ما أحملكم عليه، فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون.
واصل خالد حملته حتى وصل تبوك، فأقام فيها نحواً من عشرين ليلة، ولم يلق فيها كيداً، ولم يدخل حرباً.
وكانت هذه آخر غزواته (، بعد أن أقام بضع عشرة ليلة، ثم انصرف قافلاً إلى المدينة المنورة
8-فتوح العراق والشام:
في سبع سنين فتح العرب المسلمون بلاد العراق والشام (57)، وقضوا على دولتي الفرس والروم، وكانت هيبة خالد أمام أعدائه سابقة لسيفه وحربه، فاختاره الخليفة أبو بكر ( لهذه المهمة الصعبة. وهي لقاء الفرس والروم بعد سنة واحدة من وفاة النبي (، وبعد حروب الجزيرة العربية عدة سنين، وكان الفرس قد تلقوا ضربة الهزيمة في ((ذي قار)) يد العرب قبل الإسلام، وتقدم جند خالد بن الوليد في سواد العراق لمنازلة الفرس.
وكان المغيرة بن شعبة قد جلس على سرير رُسْتم بطل الفرس المشهور وأنذره بأنهم مغلوبون، وانتصر أبو عبيدة في وقعة الجسر على الفرس بقيادة ((بهْمَن جاذويه)) ومعه راية الفرس الكبرى من جلود النمور، ومعه جيش يفوق جيش المسلمين مرات.
اختار أبو بكر لحرب الفرس عياض بن غَنْم مع خالد بن الوليد، وأمر خالداً أن يتجه إلى الإبلة ثغر الهند، وأمر عياضاً أن يتجه إلى المُصَيَّخ شمال العراق، فأيهما بلغ الحيرة قبل الآخر، كان هو قائد الجيشين معاً، ثم أمدهما بالقعقاع بن عمرو التميمي الذي عرف بأنه لا يهزم جيش فيهم مثله، فشارك في القتال تحت مظلة جيش يقوده خالد بن الوليد. بلغ قرابة عشرة آلاف، عدا جيش المثنّى بن حارثة البالغ ثمانية آلاف.
والتقى جيش خالد مع جيش ((هُرمز)) القائد الفارسي الذي بدأ بالمنازلة بين القائدين، فصرعه خالد في الجولة الأولى، وانقض القعقاع مع جيش المسلمين، فهزموا جيش هرمز.
اتجه خالد إلى العراق أوائل سنة (12ه)، وحقق انتصاراته على الفرس خلال سنة واحدة، لم يهزم في معركة واحدة، ولم يقع في خديعة أو قلة أهبة، وكان أبداً كما وصفه عمرو بن العاص "في أناة القطاة ووثبة الأسد" فلا يهمل الحيطة، ولا يعتمد على الشجاعة وحدها دون الحزم والحيلة، وكان يحارب بثمانية عشر ألفاً، وكأنه يحارب بخمسة أضعاف هؤلاء، وكانت تعبئة جيشه بحسب عرف أيامه وهي قسمة الجيش إلى ميمنة، وميسرة، وقلب، وطليعة سابقة، وردء لحماية المؤخرة، يقاتل مرة بالصفوف ومرة بالكراديس ، ويواجه خصمه أو يدور عليه، ويتراجع أمامه أو يهاجمه، ويحصره أو يمكنّه من الهرب حسب ظروف المعركة.
حينما صارت القيادة لخالد على فتح بلاد فارس، أرسل جيشه على فرق ثلاث، قدم المثنى على رأس فرقه، ثم ألحق به عدي بن حاتم صاحبه في حرب بني أسد، ثم لحق بهم على رأس جيشه، وواعدهم موضعاً هو الجنوب الغربي من البصرة الآن.
والتقى بجيوش الفرس بقيادة ((هُرْمز)) في وقعة ذات السلاسل ، فهزم الفرس، وتعقب المثنى بن حارثة جيش هرمز، وعبر الفرات قبل أن تتجمع فلوله، وقتل هرمز وتفرق جيشه، فتجمع الفرس في ((المدائن)) عاصمة ملكهم، وحشدوا جيشاً عظيماً بقيادة ((قارن بن قريانس)) ومعاونة أميرين من بيت أردشير، وأدرك المثنى فلول هُرمز في ((المذار)) ثم وصل خالد إلى ((المذار)) ووقعت فيها ملحمة عظيمة بلغ عدد القتلى من الفرس ثلاثين ألفاً.
ودارت بعدها معارك فيما بين النهرين ولا سيما في وقعتي ((الوَلجة وأُليس)) وكانت الانتصارات والهزائم مترددة بين الفرس والمسلمين في وقعة الولجة. ثم حدثت وقعة أُليس وهي أعجب وقائع حرب العراق، وكانت هي الوقعة الحاسمة بين المجوسية والإسلام وسلّمت الحيرة لجيش خالد، واستطاع خالد عبور الخندق في الأنبار على جثث الإبل العجاف، وفتح الأنبار، وسميت غزوة ذات العيون، لأن الناس تصايحوا: ذهبت عيون الأنبار، ثم عقد خالد الصلح مع القائد شيرزاذ على شروط خالد، وانتصر خالد على الفرس في ((أُليس)) بقيادة بَهْمن جَاذْويه ونائبه جابان، على قبائل العرب في عين التمر، وفي وقعة الفراض آخر أعمال خالد الكبيرة في العراق، بعد تطهير جوف الصحراء من جموع الأعراب في دَوْمة الجندل.
وكان الخليفة أبو بكر يبلّغ الناس أنباء الظفر لتنتشر في الجزيرة العربية، وقال: "يا معشر قريش، عدا أسدكم إلى الأسد، فغلبه في خراذيله، أعقمت النساء أن يلدن مثل خالد؟".
ثم أمر أبو بكر خالداً بالتوجه إلى بلاد الشام لحرب الدولة الرومانية في اليرموك، وكتب إلى أبي عُبيدة في الشام يخبره بمقدم خالد إليه.
وكان الطريق بين العراق والشام 500 –600 ميل، فاختار أصعب الطرق وأقصرها، مع تحذير دليله الأكبر رافع بن عميرة الطائي من مخاطر الصحراء، وطلب الإكثار من الماء، وملأ بطون عشرين جزوراً عظيمة سمينة بالماء، فكانوا كلما عطشوا ذبحوا جزوراً وشربوا الماء الذي في بطنه، وبعد ذبحها كلها وكادوا أن يهلكوا، حفروا في جذع شجيرة عوسج، فنبع لهم الماء، ولكن خالداً سار بجيشه البالغ عشرة آلاف بسرعة فائقة من عين التمر إلى قراقر، وقطع المسافة في (18 يوماً).
وفي النصف الثاني من السنة الثانية عشرة للهجرة سير الخليفة أربعة من كبار القواد إلى الشام وهم يزيد بن سفيان إلى دمشق على رأس ستة أو سبعة آلاف، وسير شرحبيل بن حسنة بعدد مماثل إلى الأردن، وسير عمرو بن العاص على رأس جيش يزيد على ذلك قليلاً إلى فلسطين، وسير أبا عبيدة بن الجراح على رأس خمسة أو ستة آلاف إلى الجابية في دمشق.
وأمدهم بعكرمة بن أبي جهل في جيش صغير لحماية مؤخرة من يحتاج لحماية، وكانت الجيوش الأربعة هي المدد والمانع من الالتفاف.
واستعد قيصر الروم لملاقاة العرب في أنطاكية بجيش بلغ مائتين وأربعين ألفاً، وجيش آخر إلى جدار بيت المقدس بلغ سبعين ألفاً، وكان الجيش الروماني أوفر عدداً وأكمل عدة من الجيش الفارسي، لكنه خليط من عناصر عديدة منها الروم والأرمن والعرب وأجناس أخرى، وأثيرت فيهم حمية الدين، أما الجيش العربي الإسلامي فكان من أمة واحدة وبعقيدة واحدة.
وكانت معركة اليرموك هي الوقعة الفاصلة مع الروم، وتم توحيد القيادة لخالد بن الوليد، فنظم الفرق جميعاً في تعبئة واحدة على نحو رفيع، فأقام عمرو بن العاص على الجناح الأيمن، ويزيد بن أبي سفيان على الجناح الأيسر، وأبو عبيدة بن الجراح على القلب، واختار طريقة الكراديس على طريقة حرب بني حنيفة المرتدين، لأنها أصلح الطرق للنفاذ في الصفوف، وأدعاها إلى التنافس، وحملة الكراديس معظمها في القلب، وعدته ثمانية عشر كردوساً، ورئيسهم أبو عبيدة، وفيهم عكرمة بن أبي جهل، والقعقاع بن عمرو.
ثم اشتبك الجيشان، وبدأ العدو بهجمة مكثفة شعواء، فانكشف المسلمون حينئذ، ثم هزتهم نخوة الإيمان والعرض والأنفة، وأفلحت الكرة الثانية، وتقهقر العدو، وسقطوا في هوة الواقوصة أو وادي الرقاد وقيل: بلغ عدد قتلاهم وموتاهم ثمانين ألفاً سقطوا في الوادي، وودع هرقل الشام إلى عاصمة ملكه المتصدع وداعاً لا لقاء بعده.
واستحق خالد أن يكون أحد أبطال التاريخ، وكان لخالد بعد اليرموك عمل حاسم في مرج الروم وقنّسرين (من بلاد الشام) تعقب خالد وأبو عبيدة في مرج الروم قائدين رومانيين وهما جونس وتوذر، فقتلهما. وحاصر خالد في قنسرين الرومان المحتمين، فدك حصون المدينة وهزم الرومان.
وبعد معركة اليرموك فتح خالد وأبو عبيدة دمشق سنة (14ه) بعد أن عزل الفاروق خالداً توزيعاً للقيادة بالتناوب، وقال: "إني لم أعزل عن سخطة ولا عن خيانة، ولكن الناس فتنوا به، فخشيت أن يوكلوا إليه ويبتلوا، وألا يكونوا بعرض فتنة" ولم يكن عزله كما تبين عن ضغينة في نفس عمر أو منافسة وخوف كما يحلو لبعض المتقولين زعمه.
والخلاصة:
إن خالد بن الوليد هو سيف الله الأكبر، والمتميز بالعبقرية الحربية الخالدة: حقق الانتصارات في معارك حاسمة عديدة، ومقومات قيادته: الحكمة والشجاعة واليقظة وسرعة البديهة والملاحظة وقوة التأثير، والتفنن في الحروب والاستفادة من الدروس والحروب، ووضع الخطط الناجحة، واستنباط القواعد الصائبة من المعلومات. وهذا ما خلد ذكره على مدى أربعة عشر قرناً في مخيلة الكبار والصغار، والقادة الحربيين وغيرهم، فرضي الله عنه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وقد مات بحمص سنة إحدى وعشرين هجرية، وقيل: مات بالمدينة.
| |
|