من سمو تعاليم الدين الإسلامي أنه سد جميع الأبواب التي يمكن أن تسبب في تقطيع أواصر علاقة المحبة. ومن هذه الأسباب الإشاعات التي أمرنا الإسلام من أن نتثبت من الخبر قبل الثقة بهن، فقال سبحانه وتعالى في سورة الحجرات(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )(الحجرات6)، ومن بلاغة القرآن أنه نكر الفاسق ونكر النبأ كأنه يريد أن يقول لنا أي فاسق كيفما كان نوعه جاء بأي نبأ كيفما كان نوعه علينا أن نتثبت. فالتنكير هنا جاء للعموم. والإشاعة هي حرام إذا كانت مخالفة للواقع إلا إذا كانت في الحرب مع العدو والحرب خدعة.
مسألة خبر الواحد فيما تعم به البلوى مقبول خلافا للكرخي وبعض أصحاب الرأي ; لأن كل ما نقله العدل وصدقه فيه ممكن وجب تصديقه ، فمس الذكر مثلا نقله العدل وصدقه فيه ممكن فإنا لا نقطع بكذب ناقله ، بخلاف ما لو انفرد واحد بنقل ما تحيل العادة فيه أن لا يستفيض كقتل أمير في السوق وعزل وزير وهجوم في الجامع منع الناس من الجمعة أو كخسف أو زلزلة أو انقضاض كوكب عظيم وغيره من العجائب ، فإن الدواعي تتوفر على إشاعة جميع ذلك ويستحيل انكتامه ، وكذلك القرآن لا يقبل فيه خبر الواحد لعلمنا بأنه .
تعبد بإشاعته واعتنى بإلقائه إلى كافة الخلق ، فإن الدواعي تتوفر على إشاعته ونقله لأنه أصل الدين ، والمنفرد برواية سورة أو آية كاذب قطعا ، فأما ما تعم به البلوى فلا نقطع بكذب خبر الواحد فيه .
فمن فضلكم ارحموا شعب مصر التجاوزات والاشاعات