كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 7:01 pm | |
| موافقة المشركين للمسلمين وسجودهم في سورة النجم : وفي رمضان سنة خمسة (5) من النبوة أي بعد هجرة المسلمين بحوالي شهرين، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام، وحول الكعبة جمع كبير من قريش، فيهم ساداتهم وكبراؤهم، وكانت قد نزلت عليه سورة النجم، فقام فيهم، وأخذ يتلوها فجاءة، وكان أروع كلام سمعوه قط، فاندهشوا لروعة هذا الكلام، وأخذ منهم كل مأخذ، فبقوا يستمعون إليه مبهوتين ساكتين، حتى إذا تلا في خواتم السورة زواجر وقوارع طارت لها القلوب، وتلا في الأخير : { فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا{62} سورة النجم. وخر ساجداً سجد الجميع، ولم يملكوا أنفسهم. روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم، فسجد به، فما بقي أحد من القوم إلا سجد، فأخذ رجل من القوم كفا من حصى أو تراب، فرفعه إلى وجهه، وقال : يكفيني هذا. فلقد رأيته بعد قتل كافراً، وهو أمية بن خلف قتل يوم بدر.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 7:02 pm | |
| موافقة المشركين للمسلمين وسجودهم في سورة النجم : وفي رمضان سنة خمسة (5) من النبوة أي بعد هجرة المسلمين بحوالي شهرين، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام، وحول الكعبة جمع كبير من قريش، فيهم ساداتهم وكبراؤهم، وكانت قد نزلت عليه سورة النجم، فقام فيهم، وأخذ يتلوها فجاءة، وكان أروع كلام سمعوه قط، فاندهشوا لروعة هذا الكلام، وأخذ منهم كل مأخذ، فبقوا يستمعون إليه مبهوتين ساكتين، حتى إذا تلا في خواتم السورة زواجر وقوارع طارت لها القلوب، وتلا في الأخير : { فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا{62} سورة النجم. وخر ساجداً سجد الجميع، ولم يملكوا أنفسهم. روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم، فسجد به، فما بقي أحد من القوم إلا سجد، فأخذ رجل من القوم كفا من حصى أو تراب، فرفعه إلى وجهه، وقال : يكفيني هذا. فلقد رأيته بعد قتل كافراً، وهو أمية بن خلف قتل يوم بدر.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 7:03 pm | |
| عودة المهاجرين إلى مكة : وصل هذا الخبر إلى الحبشة، ولكن في صورة تختلف عن الواقع، فقد بلغهم أن قريشاً قد أسلموا، فرجعوا فرحين مستبشرين إلى مكة، فلما كانوا دون مكة ساعة من نهار عرفوا جلية الأمر، فمنهم من رجع إلى الحبشة، ومنهم من دخل مكة سرًّا أو في جوار أحد من قريش.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 7:10 pm | |
| الهجرة الثانية إلى الحبشة : واشتد البلاء والعذاب على المسلمين من قريش ندماً منهم على ما فرط منهم من السجود مع المسلمين، وانتقاماً لما بلغهم من النجاشي من حسن جواره للمهاجرين، ونظراً إلى هذه الظروف القاسية أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى. فهاجر اثنان أو ثلاثة وثمانون رجلاً وثمان عشرة امرأة، وكانت هذه الهجرة الثانية أشق من الأولى، لأن قريشاً كانوا متيقظين يتابعون حركات المسلمين، إلا أن المسلمين كانوا أكثر منهم تيقظاً، وأحسن منهم حكمة، وأحكم منهم خطوة، فقد فاتوهم إلى الحبشة رغم كل الجهود.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 7:18 pm | |
| مكيدة قريش بمهاجري الحبشة : شق على المشركون أن أفلت منهم المسلمون، ووصلوا إلى مأمن يأمنون فيه على أنفسهم وإيمانهم، فأرسلوا رجلين من دهاتهم ليتسرداهم إلى مكة، وهما : عمرو بن العاص، وعبدالله بن ربيعة، وكانا إذ ذاك على الشرك. ونزل الرجلان بالحبشة تحت خطة مدبرة، فاتصلا أولاً بالبطارقة، وساقا إليهم الهدايا، وذكرا لهم الهدف، ولقناهم الحجة، حتى وافقوهما، ثم حضرا إلى النجاشي، فقدما إليه، ثم كلماه، فقالا : أيها الملك : إنه قد ضوى إلى بلدك غلمان سفهاء فارقوا دينهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عيناً، وأعلم بما عابوا عليهم، وعاتبوهم فيه. وأيدهما البطارقة فيما قالاه حسب الخطة.ولكن النجاشي احتاط في الأمر. ورأى أن يسمع القضية من الطرفين حتى يتضح له الحق. فدعا المسلمين، وسألهم : ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا به في ديني ولا دين أحد من هذه الملل ؟
فتكلم جعفر بن أبي طالب عن المسلمين، وقال : أيها الملك : كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل منا القوي الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه. فدعانا إلى الله لنوحده، ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان. وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئّا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام – فعدد عليه أمور الإسلام – فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من دين الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم الله علينا، وأحللنا ما أحل لنا. فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان عن عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا، وظلمونا، وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا من بلادك، واخترناك على سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك، أيها الملك ! فلما سمع النجاشي هذا، طلب من جعفر قراءة شيء من القرآن، فقرأ عليه صدراً من : { كهيعص{1} سورة مريم، فبكى النجاشي حتى اخضلت أي ابتلت لحيته، وبكى الأساقفة حتى اخضلوا أي بلوا مصاحفهم، ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة. ثم خاطب مندوبي قريش وقال : انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما، ولا يكادون، فخرجا. وفي اليوم الثاني احتال عمرو بن العاص حيلة أخرى، فقال للنجاشي : إنهم – أي المسلمين – يقولون في عيسى ابن مريم قولاً عظيماً.فدعاهم النجاشي وسألهم عن ذلك، فقال جعفر : نقول فيه الذي جاءنا به النبي صلى الله عليه وسلم : هو عبدالله ورسوله، وروحه، وكلمته، ألقاها إلى مريم العذراء البتول. فأخذ النجاشي عوداً من الأرض، ثم قال : والله ما عدا أي ما جاوز عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود. اذهبوا فأنتم شيوم أي آمنون بأرضي، من سبكم غرم، من سبكم غرم، من سبكم غرم. ما أحب أن لي دبراً أي جبلاً من ذهب، وأني آذيت رجلاً منكم. ثم أمر برد الهدايا على مندوبي قريش فخرجا مقبوحين، وأقام المسلمون بخير دار مع خير جار
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 7:21 pm | |
| مكيدة قريش بمهاجري الحبشة : شق على المشركون أن أفلت منهم المسلمون، ووصلوا إلى مأمن يأمنون فيه على أنفسهم وإيمانهم، فأرسلوا رجلين من دهاتهم ليتسرداهم إلى مكة، وهما : عمرو بن العاص، وعبدالله بن ربيعة، وكانا إذ ذاك على الشرك. ونزل الرجلان بالحبشة تحت خطة مدبرة، فاتصلا أولاً بالبطارقة، وساقا إليهم الهدايا، وذكرا لهم الهدف، ولقناهم الحجة، حتى وافقوهما، ثم حضرا إلى النجاشي، فقدما إليه، ثم كلماه، فقالا : أيها الملك : إنه قد ضوى إلى بلدك غلمان سفهاء فارقوا دينهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عيناً، وأعلم بما عابوا عليهم، وعاتبوهم فيه. وأيدهما البطارقة فيما قالاه حسب الخطة.ولكن النجاشي احتاط في الأمر. ورأى أن يسمع القضية من الطرفين حتى يتضح له الحق. فدعا المسلمين، وسألهم : ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا به في ديني ولا دين أحد من هذه الملل ؟
فتكلم جعفر بن أبي طالب عن المسلمين، وقال : أيها الملك : كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل منا القوي الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه. فدعانا إلى الله لنوحده، ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان. وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئّا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام – فعدد عليه أمور الإسلام – فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من دين الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم الله علينا، وأحللنا ما أحل لنا. فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان عن عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا، وظلمونا، وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا من بلادك، واخترناك على سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك، أيها الملك ! فلما سمع النجاشي هذا، طلب من جعفر قراءة شيء من القرآن، فقرأ عليه صدراً من : { كهيعص{1} سورة مريم، فبكى النجاشي حتى اخضلت أي ابتلت لحيته، وبكى الأساقفة حتى اخضلوا أي بلوا مصاحفهم، ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة. ثم خاطب مندوبي قريش وقال : انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما، ولا يكادون، فخرجا. وفي اليوم الثاني احتال عمرو بن العاص حيلة أخرى، فقال للنجاشي : إنهم – أي المسلمين – يقولون في عيسى ابن مريم قولاً عظيماً.فدعاهم النجاشي وسألهم عن ذلك، فقال جعفر : نقول فيه الذي جاءنا به النبي صلى الله عليه وسلم : هو عبدالله ورسوله، وروحه، وكلمته، ألقاها إلى مريم العذراء البتول. فأخذ النجاشي عوداً من الأرض، ثم قال : والله ما عدا أي ما جاوز عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود. اذهبوا فأنتم شيوم أي آمنون بأرضي، من سبكم غرم، من سبكم غرم، من سبكم غرم. ما أحب أن لي دبراً أي جبلاً من ذهب، وأني آذيت رجلاً منكم. ثم أمر برد الهدايا على مندوبي قريش فخرجا مقبوحين، وأقام المسلمون بخير دار مع خير جار
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 7:24 pm | |
| حيرة المشركين : ولما منى المشركين بالخيبة والفشل في استرداد المسلمين من الحبشة استشاطوا غضباً، وكادوا يتميزون غيظاً، وينقضون على بقية المسلمين بطشاً، ولا سيما وقد كانوا يرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ماض في دعوته، ولكنهم رأوا أن أبا طالب قائم بنصرته رغم التهديد والوعيد الشديد، فاحتاروا في أمرهم، ولم يدروا ماذا يفعلون ؟ فربما غلبت عليهم الضراوة، فعادوا إلى التعذيب والتنكيل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبمن بقي معه من المسلمين، وربما فتحوا باب النقاش والجدال، وربما عرضوا الرغائب والمغريات، وربما حاولوا المساومة واللقاء في منتصف الطريق، وربما فكروا في قتل النبي صلى الله عليه وسلم والقضاء على دعوة الإسلام، إلا أن ذلك لم يجد لهم نفعاً، ولم يوصلهم إلى المراد، بل كانت نتيجة جهودهم الخيبة والخسران، وفيما يلي نقدم صورة مصغرة لكل من ذلك | |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 7:31 pm | |
| حيرة المشركين : ولما منى المشركين بالخيبة والفشل في استرداد المسلمين من الحبشة استشاطوا غضباً، وكادوا يتميزون غيظاً، وينقضون على بقية المسلمين بطشاً، ولا سيما وقد كانوا يرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ماض في دعوته، ولكنهم رأوا أن أبا طالب قائم بنصرته رغم التهديد والوعيد الشديد، فاحتاروا في أمرهم، ولم يدروا ماذا يفعلون ؟ فربما غلبت عليهم الضراوة، فعادوا إلى التعذيب والتنكيل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبمن بقي معه من المسلمين، وربما فتحوا باب النقاش والجدال، وربما عرضوا الرغائب والمغريات، وربما حاولوا المساومة واللقاء في منتصف الطريق، وربما فكروا في قتل النبي صلى الله عليه وسلم والقضاء على دعوة الإسلام، إلا أن ذلك لم يجد لهم نفعاً، ولم يوصلهم إلى المراد، بل كانت نتيجة جهودهم الخيبة والخسران، وفيما يلي نقدم صورة مصغرة لكل من ذلك | |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 7:35 pm | |
| التعذيب ومحاولة القتل : كان من الطبيعي أن يعود المشركون إلى ضراوتهم بعد الفشل، وفعلاً عادوا إلى الشدة والبطش بالبقية الباقية من المسلمين، بل مدوا أيديهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن ذلك أن عتيبة بن أبي لهب أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : هو يكفر بالذي : { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى{8} فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى{9} سورة النجم، ثن تسلط عليه بالأذى، وشق قميصه، وتفل في وجهه صلى الله عليه وسلم إلا أن البزاق رجع على عتيبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( اللهم أرسل عليه كلباً من كلابك ))، فخرج عتيبة في ركب إلى الشام، فلما نزلوا في الطريق طاف بهم الأسد، فقال : هو آكلي والله، كما دعا محمد عليّ، قتلني وهو بمكة وأنا بالشام، فلما ناموا جعلوه في وسطهم، ولكن جاء الأسد وأخذه برأسه من بين الإبل والناس، وقتله. ومن ذلك أن عقبة بن أبي معيط وطيء برجله على رقبة النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد حتى كادت عيناه تبرزان. ويؤخذ من سياق الحوادث أن المشركين بعد فشلهم في شتى محاولاتهم لكف الدعوة أخذوا يفكرون بجد في قتل النبي صلى الله عليه وسلم ولو أدى ذلك إلى سفك الدماء. ومما يدل على ذلك أن أبا جهل قال يوماً لقريش : إن محمداً قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وشتم آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلسن له بحجر ما أطيق حمله، فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم، قالوا : والله لا نسلمك لشيء أبداً، فامض لما تريد. فلما أصبح أبو جهل أخذ حجراً كما وصف، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام يصلي، وغدت قريش في أنديتهم ينتظرون ما يفعله أبو جهل، وأقبل أبو جهل حتى دنا، ثم رجع منهزماً، منتقعاً لونه، مرعوباً، قد يبست يداه على حجره، حتى قذفه من يده. فقالت قريش : مالك يا أبا الحكم ؟ قال : قمت لأفعل ما قلت البارحة، فعرض لي فحل من الإبل ما رأيت مثل هامته وقصرته وأنيابه لفحل قط، فهم بي أن يأكلني. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ذلك جبريل، لو دنا لأخذه )). ثم حدث ما هو أشد من ذلك وأنكى، وذلك أن قريشاً اجتمعوا يوماً في الحطيم، وتكلموا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبدأ يطوف بالبيت، فلما مر بهم فغمزوه بمثلها، فعرف ذلك بوجهه، ثم مرة بهم الثانية، فغمزوه بمثلها، فعرف ذلك في وجهه، ثم مرة بهم الثالثة، فغمزوه بمثلها، فوقف، ثم قال : (( أتسمعون يا معشر قريش : أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح )) صحيح السيرة النبوية، فأخذت القوم كلمته، كأن على رؤوسهم طائراً وقع، حتى أن أشدهم فيه ليرفؤه بأحسن ما يجد. فلما كان الغد اجتمعوا كذلك يذكرون أمره، إذ طلع عليهم، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد، فأخذوا بمجامع ردائه، وقالوا : أنت الذي تنهانا عما كان يعبد آبائنا ؟ قال : (( أنا ذاك ))، فانقضوا عليه. هذا يحثه، وهذا يبلبله، وأقبل عقبة بن أبي معيط فلوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقاً شديداً، وأتى الصريخ إلى أبي بكر، أدرك صاحبك، فجاء وأخذ بمنكبي عقبة ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ يضرب هذا، ويجاهد هذا، وهو يقول : ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله. فانصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر، وضربوه ضرباً لا يعرف وجهه من أنفه، وكانت له أربع غدائر فما يمسون منها شيئًا إلا رجع، فحملته بنو تميم،في ثوب وأدخلوه منزله، ولا يشكون في موته، فتكلم آخر النهار، فسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاموه، وخرجوا من عنده، وعرض عليه الطعام والشراب فأبى أن يأكل أو يشرب حتى يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما هدأ الليل وسكن الناس أوصلوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في دار الأرقم، فلما وجده بخير ساغ له الطعام والشراب. وقد خرج أبو بكر رضي الله عنه يريد الهجرة إلى الحبشة بعدما اشتد عليه الأذى وتضايقت عليه سبل الحياة، ولما بلغ برك الغماد لقيه مالك بن الدغنة سيد القارة والأحابيش (القارة : اسم قبيلة عظيمة، والأحابيش : مجموعة قبائل تحالفوا عند جبل حبشي فسموا بذلك)، فسأله عن قصده، فأخبره، فقال : مثلك يا أبا بكر لا يخرج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فأنا لك جار، فارجع واعبد ربك ببلدك، ثم رجع إلى مكة، وأعلن ابن الغنة في قريش عن جواره لأبي بكر، فلم ينكروا عليه، ولكن قالوا له : مر أبا بكر فليعبد ربه في داره ولا يستعلن، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا وضعفتنا، فلبث أبو بكر بذلك فترة، ثم بنى مسجداً بفناء داره، واستعلن بصلاته وقراءته، فذكره ابن الدغنة بجواره. فرد عليه أبو بكر جواره، وقال : أرضى بجوار الله. وكان رجلاً بكاء لا يملك عينيه إذ قرأ القرآن، فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم، وهم يعجبون منه، وينظرون إليه، فكان المشركون يؤذنونه لأجل ذلك. وأثناء هذه الظروف القاسية التي كان يمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث ما أفضى إلى إسلام بطلين جليلين من أبطال قريش طالما استراح المسلمون تحت ظل قوتهما، وهما : حمزة بن عبدالمطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 7:40 pm | |
| إسلام عمر رضي الله عنه : وبعد ثلاثة أيام من إسلام حمزة أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان من أشد الناس قسوة على المسلمين قبل إسلامه، وفي ليلة سمع سرًّا بعض آيات القرآن، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند الكعبة، فوقع في قلبه أنه حق، ولكنه بقى على عناده، حتى خرج يوماً متوشحاً سيفه يريد أن يقتل النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه رجل، فقال : أين تعم يا عمر ! قال : أريد أن أقتل محمداً. قال : كيف تأمن من بني هاشم ومن بني زهرة، وقد قتلت محمداً ؟ قال عمر : ما أراك إلا قد صبوت ؟ قال : أفلا أدلك على العجب يا عمر ؟ إن أختك وختنك قد صبوا، فمشى مغضباً حتى أتاهما، وعندهما خباب بن الأرت يقرئهما صحيفة فيه طه، فلما سمع حس عمر توارى في البيت، وسترت أخت عمر الصحيفة، فلما دخل، قال ما هذه الهيمنة التي سمعتها عندكم ؟ فقالا : ما عدا حديثاً تحدثناه بيننا، قال : فلعلكما قد صبوتما ؟ فقال له ختنه : يا عمر ! أرأيت إن كان الحق في غير دينك ؟ فوثب عمر على ختنه، فوطئه وطأً شديداً، فجاءت أخته فرفعته عن زوجها، فنفحها نفحة بيده فدمى وجهها، فقالت وهي غاضبة : يا عمر إن كان الحق في غير دينك. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. ويئس عمر وندم واستحيى، وقال : أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه. فقالت أخته : إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام فاغتسل ثم أخذ الكتاب فقرأه : { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ } فقال : أسماء طيبة طاهرة، ثم قرأ طه حتى انتهى إلى قوله تعالى : { إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي {14}، فقال ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ؟ دلوني على محمد. وخرج خباب فقال : أبشر يا عمر ! فغني أرجو أن تكون دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس، وكان قد دعا النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة : (( اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك، بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام ))، ثم ذكر له خباب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم التي في أصل الصفا. فخرج عمر حتى أتى الدار وضرب الباب، فأطل رجل من صرير الباب فرآه متوحشاً السيف، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم واستجمع القوم، فقال حمزة : ما لكم ؟ قالوا : عمر. فقال : وعمر، افتحوا له الباب فإن كان يريد الخير بذلناه له، إن كان يريد شرًّا قتلناه بسيفه. ورسول الله صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه، ثم خرج فأخذ بمجامع ثوب عمر وحمائل سيفه وهو في الحجرة فجبذه بشدة، وقال : (( أما تنتهي يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما نزل بالوليد بن المغيرة ؟ ثم قال : اللهم هذا عمر بن الخطاب، اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب )). فقال عمر : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 12:50 pm | |
| [size=24] [size=12][size=21]عرض الرغائب والمغريات : ولما رأى المسلمين وشوكتهم بعد إسلام حمزة وعمر رضي الله عنهما اجتمعوا للشورى بينهم. وليفكروا في أنسب خطوة يقومون بها في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين. فقال لهم عتبة بن ربيعة العبشمي من بني عبد شمس بن عبد مناف، وكان سيداً مطاعاً في قومه، يا معشر قريش ! ألا أقوم لمحمد فأكلمه، وأعرض عليه أموراً لعله يقبل بعضها، فنعطيه إياها ويكف عنا ؟ فقالوا : بلى يا أبا الوليد ! فقم إليه فكلمه. فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد وحده. فقال : يا ابن أخي ! إنك منا حيث قد علمت، من خيارنا حسباً ونسباً، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت أحلامهم، وعبت آلهتهم ودينهم، وكفرت من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمراً تنظر فيه لعلك تقبل منها بعضها. فقال عليه الصلاة والسلام : (( قل يا أبا الوليد أسمع )). فقال : يا ابن أخي ! إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفاً سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك. وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا، وإن كان بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشراً. وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً من الجن لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب، وذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه. فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه. فقال : عليه الصلاة والسلام : (( أو قد فرغت يا أبا الوليد )) ! قال : نعم. قال : (( فاسمع مني )). قال : أفعل. فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ { حم{1} تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ{2} كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{3} بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ{4} وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ{5} سورة فصلت. ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها عليه، وهو يستمع منه، وقد ألقى يديه خلف ظهره معتمداً عليهما، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى : { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ{13} سورة فصلت، وضع عتبة يده على فم رسول الله صلى الله عليه وسلم وناشده الله والرحم مخافة أن يقع ذلك، وقال : حسبك. ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة سجد، ثم قال : (( سمعت يا أبا الوليد )) ؟ قال : سمعت. قال : (( فأنت وذاك )). فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به، فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال : ورائي أني سمعت قولاً والله ما مثله قط. والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة. يا معشر قريش ! أطيعوني واجعلوها لي. وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه، فاعتزلوه. فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به. قالوا : سحرك والله يا أبا الوليد ! قال : هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم.
[/size][/size][/size] | |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 12:52 pm | |
| مساومات وتنازلات : ولما فشل المشركون في هذا الإغراء والترغيب، فكروا في المساومة في الدين، فقالوا له : - صلى الله عليه وسلم - : نعرض عليك خصلة واحدة لك فيها صلاح. قال : (( وما هي )) ؟ قالوا : تعبد آلهتنا سنة. ونعبد إلهك سنة، فإن كنا على الحق أخذت منه حظًّا، وإن كنت على الحق أخذنا منه حظًّا، فأنزل الله تعالى : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ{1} لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ{2} سورة الكافرون، إلى آخر السورة، وأنزل : { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ {64} سورة الزمر، وأنزل أيضًا : { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ } سورة الأنعام:56 و سورة غافر:66. وكان المشركون حريصين على حسم الخلاف، آملين ما رجاه عتبة بن ربيعة، فأبدوا مزيداً من التنازل، ومالوا إلى قبول ما يعرضه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن اشترطوا بعض التعديل والتبديل فيما أوحي إليه، فقالوا : { ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ } فأمره الله تعالى : { قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ {15} سورة يونس، ونبهه الله على عظم هذا، فقال وهو يذكر بعض ما دار في خلد النبي صلى الله عليه وسلم من الخواطر حول ذلك : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً{73} وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً{74} إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً{75} سورة الإسراء. وبهذه المواقف الصارمة تبين للمشركين أن النبي صلى الله عليه وسلم قائم بالدعوة إلى الدين، وليس بتاجر حتى يقبل المساومة أو التنازل في الثمن. فأرادوا التأكد من ذلك عن طريق أخرى. فأرسلوا إلى يهود يسألونهم عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقالت لهم أحبار اليهود : سلوه عن ثلاث، فإن أخبر فهو نبي مرسل، وإلا فهو متقول. سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول، ما كان أمرهم ؟ فإن لهم حديثاً عجبا، وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبؤه ؟ وسلوه عن الروح ما هي ؟ فسألت عظماء قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم عم ذلك. فنزلت سورة الكهف فيها قصة أولئك الفتية، وهم أصحاب الكهف. وقصة ذلك الرجل الطواف، وهو ذو القرنين. ونزل في سورة الإسراء الرد على سؤالهم عن الروح، وهو قوله تعالى : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً {85} سورة الإسراء. وكان هذا الاختبار يكفي لاقتناع قريش بأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول حقًّا، لو أرادوا الحق، ولكن أبى الظالمون إلا كفوراً. وكأنهم لما اتضحت لهم الحقائق، وتبين لهم الحق، أبدوا بعض المرونة، فقد أبدوا استعدادهم لاستماع ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم علهم يستجيبون ويقبلون، ولكن اشترطوا أن يخصص لهم مجلس لا يحضره ضعفاء المسلمين. وهم العبيد والمساكين الذين سبقوا إلى الإسلام، وذلك لأن هؤلاء الكفار الذين طالبوا بذلك كانوا سادات مكة وأشرافها، فأبوا واستنكفوا أن يجلسوا مع هؤلاء المساكين الذين كانوا أصحاب الإيمان والتقوى. وكأن النبي صلى الله عليه وسلم رغي في استجابة مطلبهم هذا بعض الرغبة رجاء أن يؤمنوا به، فنهاه الله عن ذلك، وأنزل قوله : { وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ{52} سورة الأنعام.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 12:53 pm | |
| الاستعجال بالعذاب : ربما كان النبي صلى الله عليه وسلم أوعد المشركين بعذاب الله إن استمروا على مخالفته، - كما سبق – فلما أبطأ العذاب طفقوا يستعجلون به على سبيل السخرية والعناد، وتظاهروا بأن هذا الوعيد لم يؤثر فيهم، ولن يتحقق أبداً، فأنزل الله في ذلك آيات، منها قوله تعالى : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ{47} سورة الحج، ومنها قوله تعالى : { يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ{54} سورة العنكبوت، ومنها قوله تعالى : { أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ{45} أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ{46} أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ{47} سورة النحل، وغير ذلك من الآيات. وكان من جملة مجادلة المشركين أنهم كانوا يطالبون بالآيات من المعجزات وخوارق العادات عناداً وتعجيزاً، فأنزل الله في ذلك ما بين به سنته، وقطع به حجتهم. تلكم هي المحاولات التي واجه بها المشركون رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته، وقد مارسوها كلها جنباً إلى جنب متنقلين من طور إلى طور، ومن دور إلى دور. فمن شدة إلى لين، ومن لين إلى شدة، ومن جدال إلى مساومة، ومن مساومة إلى جدال، ومن هجوم إلى ترغيب، ومن ترغيب إلى هجوم، كانوا يثورون ثم يخورون، يجادلون ويجاملون، ينازلون ثم ينازلون، يوعدون ثم يرغبون، كأنهم يتقدمون ويتأخرون، لا يقر لهم قرار، ولا يعجبهم الفرار. وكان غرضهم من كل ذلك كف دعوة الإسلام ولم شعث الكفار، لكنهم بعد بذل كل الجهود عادوا خائبين خاسرين، ولم يبق أمامهم إلا خيار واحد، وهو السيف، والسيف لا يزيد الفرقة إلا شدة، ولا يفضي إلا تناحر لعله يستأصل شأفتهم، فاحتاروا ماذا يفعلون. أما أبو طالب فإنه لما واجه مطالبتهم بتسليم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ليقتلوه، ثم رأى تحركاتهم وتصرفاتهم ما يؤكد أنهم يريدون قتله - مثل ما فعله أبو جهل، وعقبة بن أبي معيط، وعمر بن الخطاب – جمع بني هاشم وبني المطلب ودعاهم إلى القيام بحفظ النبي صلى الله عليه وسلم فأجابوه إلى ذلك كلهم مسلمهم وكافرهم، وتعاقدوا وتعاهدوا عليه عند الكعبة. إلا أبو لهب، فإنه فارقهم، وكان مع قريش.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 12:56 pm | |
| وفد قريش بين يدي أبي طالب : عادت الأمور بعد فك الحصار إلى ما كانت عليه من قبل. ولكن ما هي إلا أشهر حتى لحق أبا طالب المرض. وأخذ يشتد ويزداد، وقد تجاوز الثمانين، فشعرت قريش أنه لا قيام له من هذا المرض، فاستشاروا فيما بينهم وقالوا انطلقوا بنا إلى أبي طالب، فليأخذ على ابن أخيه وليعطه منا، فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون إليه شيء فتعيرنا به العرب. يقولون : تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه، فانطلقوا ودخلوا عليه وطلبوا منه أن يكف هو رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آلهتهم، وهم يدعونه وإلهه. فدعاه أبو طالب وعرض عليه ما قاله القوم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم العجم الجزية ))، ففزعوا وقالوا : كلمة واحدة ؟ نعم ! وأبيك عشرا. فما هي ؟، قال : (( لا إله إلا الله ))، فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم، ويقولون : { أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ {5} سورة ص.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 12:58 pm | |
| عام الحزن وفاة أبي طالب :
أما مرض أبي طالب فلم يزل يشتد به حتى حضرته الوفاة. ودخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعند أبو جهل وعبدالله بن أبي أمية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أي عم ! قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله )). فقالا : يا أبا طال ! أترغب عن ملة عبدالمطلب ؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر ما قال : على ملة عبدالمطلب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لأستغفرن لك ما لم أنه عنك )) فنزلت : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {113} سورة التوبة، ونزلت : { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ {56} سورة القصص. وكانت وفاته في شهر رجب أو رمضان سنة عشر من النبوة، وذلك بعد الخروج من الشعب بستة أشهر، وقد كان عضداً وحرزاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحصناً احتمت به الدعوة الإسلامية من هجمات الكبراء والسفهاء، ولكنه بقي على ملة الأجداد فلم يفلح كل الفلاح. قال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم : ما أغنيت عن عمك ؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك. قال : (( هو في ضحضاح من النار، ولو لا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار )).
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:03 pm | |
| خديجة إلي رحمة الله : ولم يندمل جرح النبي صلى الله عليه وسلم على وفاة أبي طالب حتى توفيت أن المؤمنين خديجة رضي الله عنها وذلك في رمضان من نفس السنة العاشرة بعد وفاة أبي طالب بنحو شهرين أو بثلاثة أيام فقط. وكانت وزير صدق لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، آزرته على إبلاغ الرسالة، وآسته بنفسها ومالها، وقاسمته الأذى والهموم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( آمنت بي حين كفر بي الناس، وصدقتني حين كذبني الناس، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس، ورزقني الله ولدها وحرم ولد غيرها )). وورد في فضائلها أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا رسول الله ! هذه خديجة قد أتت، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرء عليها السلام من ربها، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب ). وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها دائماً، ويترحم عليها، وتأخذ به الرأفة والرقة لها كلما ذكرها، وكان يذبح الشاة فيبعث في أصدقائها، لها مناقب جمة وفضائل كثيرة.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:06 pm | |
| تراكم الأحزان : واشتد البلاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه بعد موت عمه أبي طالب وزوجته خديجة رضي الله عنها فقد تجرءوا عليه، وكاشفوه بالأذى، وطفق النبي صلى الله عليه وسلم يتأثر بشدة بكل ما يحدث، ولو كان أصغر وأهون مما سبق. حتى إن سفيهاً من سفهاء قريش نثر التراب على رأسه، فجعلت إحدى بناته تغسله وتبكي، وهو يقول لها : (( لا تبكي يا بنية ! فإن الله مانع أباك )) ويقول بين ذلك : (( ما نالت قريش مني شيئاً أكرهه حتى ما أبو طالب )).
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:07 pm | |
| زواجه صلى الله عليه وسلم بسودة ثم عائشة رضي الله عنهما : وفي شوال بعد الشهر الذي توفيت فيه خديجة، تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بسودة بنت زمعة رضي الله عنها، وكانت تحت ابن عمها : السكران بن عمرو رضي الله عنه، وكانا من السابقين الأولين إلى الإسلام. وقد هاجرا إلى الحبشة، ثم رجعا إلى مكة، فتوفى بها السكران بن عمرو، فلما حلت تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد أعوام وهبت نوبتها لعائشة. أما زواجه بعائشة رضي الله عنها فكان أيضاً في شهر شوال، ولكن بعد سودة رضي الله عنها بسنة، تزوجها بمكة وهي بنت ست سنين، ودخل بها في المدينة في شهر شوال في السنة الأولى من الهجرة وهي بنت تسع سنين، وكانت أحب أزواجه صلى الله عليه وسلم إليه، وأفقه نساء الأمة. لها مناقب جمة وفضائل وافرة.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:10 pm | |
| الرسول صلى الله عليه وسلم في الطائف
وفي هذه الظروف قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف رجاء أن يستجيبوا لدعوته، أو يؤوه وينصروه، فخرج إليها ماشياً على قدميه، ومعه مولاه زيد بن حارثة، وكان كلما مر على قبيلة في الطريق دعاهم إلى الإسلام وإلى نصرته صلى الله عليه وسلم على تبليغه، فلم يستجيبوا له، بل ردوا عليه أسوء رد، فتركهم وقصد الآخرين، ودعاهم إلى قبول الإسلام ونصرته، ولم يزل ينتقل من رئيس إلى رئيس، فلم يترك أحداً من أشرافهم إلا وكلمه، وقضى في ذلك عشرة أيام، لكن لم يجب له أحد، بل قالوا له : اخرج من بلدنا، وأغروا به صبيانهم وسفهاءهم وعبيدهم، فلما تهيأ وخرج وقفوا له في صفين، وأخذوا يسبونه ويشتمونه ويرمونه بالحجارة حتى أدموا عقبيه وقدميه صلى الله عليه وسلم وحتى اختضب نعلاه بالدم. وكان زيد بن حارثة رضي الله عنه يقيه بنفسه ويدافع عنه، فأصابه شجاج في رأسه، واستمرت هذه السفاهة حتى وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة على بعد ثلاثة أميال من الطائف فدخل فيه، فلما دخل فيه انصرفوا عنه.
وجلس النبي صلى الله عليه وسلم في الحائط تحت ظل حبلة من عنب، معتمداً إلى جدار، وقد أثر في نفسه ما لاقاه، فدعا بالدعاء المشهور : (( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني عن الناس. يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني. أم إلى عدو ملكته أمري. إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك. أن يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك )). ورآه ابنا ربيعة في هذا الحال فأخذتهما رقة. وأرسلا إليه بقطف من عنب مع مولى نصراني اسمه عداس، فلما مد النبي صلى الله عليه وسلم يده ليتناوله قال : (( بسم الله ))، ثم أكل. فقال عداس : هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( من أي البلاد أنت ؟ وما دينك ؟ )). فقال : نصراني، من أهل نينوى. فقال : (( من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟ )). فقال : وما يدريك ما يونس بن متى ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( ذاك أخي كان نبيًّا وأنا نبي )) وقرأ عليه قصة يونس عليه السلام من القرآن، فأسلم عداس على ما يقال.
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحائط، وتقدم في طريقه إلى مكة، وهو كئيب حزين مهموم، حتى إذا بلغ قرن المنازل، أظلته سحابة فيها جبريل ومعه ملك الجبال، فرفع صلى الله عليه وسلم رأسه، فناداه جبريل، وقال : إن الله بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت. ثم سلم ملك الجبال وقال : يا محمد ! ذلك، فما شئت، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين ( وهما جبلا مكة )، أبو قبيس والذي يقابله، فقال صلى الله عليه وسلم : (( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً )). وأفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم من همه بمجيء هذا النصر، وتقدم في طريقه إلى مكة حتى نزل بنخلة، وأقام بها أياماً، وأثناء إقامته بها صرف الله إليه نفراً من الجن يستمعون القرآن، وهو قائم يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين، وقد آمنوا به، ولم يشعر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بذلك القرآن : آيات من سورة الأحقاف، وآيات من سورة الجن.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:21 pm | |
| وبعد أيام خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من نخلة يريد مكة، وهو يرجو من الله الفرج والمخرج، ويخشى من قريش الشر والبطش، فأحب أن يحتاط لنفسه، فلما دنا من مكة مكث بحراء، وبع رجلاً إلى الأخنس بن شريق ليجيره، فاعتذر بأنه حليف، والحليف لا يجير، فأرسل إلى سهيل بن عمرو، فاعتذر بأنه من بني عامر بن لؤي، وهم لا يجيرون على بني كعب بن لؤي، فأرسل إلى المطعم بن عدي، وهو من بني نوفل بن عبد مناف أخي هاشم بن عبد مناف جد النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد مناف أعز بطن في قريش، فقال المطعم : نعم. وتسلح هو وبنوه، ثم أرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء ودخل المسجد الحرام، وطاف بالبيت، وصلى ركعتين، ثم انصرف إلى بيته، والمطعم بن عدي وأولاده محدقون برسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح. وكان المطعم قد أعلن في قريش أنه أجار محمداً، فقبلوا ذلك منه.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:22 pm | |
| جدال المشركين وطلبهم الآيات
وكان من جملة جدال المشركين أنهم كانوا يطلبون من رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات تعجيزاً وعنيداً، وقد تكرر ذلك منهم مراراً في أوقات مختلفة، فمن ذلك أنهم اجتمعوا مرة في المسجد الحرام، واستشاروا بينهم، ثم أرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن أشراف قومك قد اجتمعوا ليكلموك. وحيث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على رشدهم غاية الحرص، كما قال الله تعالى : { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً {6} سورة الكهف، فقد جاءهم سريعاً يرجو إسلامهم، فقالوا : إنك تخبرنا أن السل كانت لهم آيات، كانت لموسى عصا، ولثمود الناقة، وكان عيسى يحيي الموتى، فأنا بآية كما أرسل الأولون. وكانوا يظنون أن من خواص الرسل أنهم يقدرون على إحداث مثل هذه الخوارق والمعجزات متى شاءوا، كما يقدر عامة الناس على أعمالهم الطبيعية | |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:25 pm | |
| فاقترحوا عليه صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً، أو يسير عنهم الجبال، ويبسط لهم البلاد، ويجري فيها الأنهار، أو يبعث من مضى من آبائهم حتى يشهدوا بأنه رسول : { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً {90} أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً {91} أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً {92} أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ {93} سورة الإسراء. وقد أبدوا رغبتهم في الإسلام إذا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بما اقترحوه : { وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا {109} سورة الأنعام، فدعا الله أن يريهم ما طلبوه، ورجا إسلامهم، فجاء جبريل وخيره بين أن يريهم الله ما طلبوه فمن كفر بعد ذلك منهم عذبه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين، وبين أن يفتح لهم باب التوبة والرحمة، فقال : (( بل باب التوبة والرحمة ))، فلما اختار النبي صلى الله عليه وسلم هذا أنزل الله عليه جواب مقترحات المشركين فقال له : { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً {93} سورة الإسراء | |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:27 pm | |
| شق القمر : وكأن قريشاً لما رأوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجبهم إلى ما اقترحوه من الآيات الخاصة ظنوا أن طلب الآيات أحسن وسيلة لتعجيزه وإسكاته، ولإقناع عامة الناس بأنه متقول، وليس برسول، فتقدموا خطوة أخرى، وقرروا أن يطلبوا منه آية بغير تعيين، ليتبين للناس عجزه، فلا يؤمنوا به، فجاءوا إليه، وقالوا له : هل من آية نعرف بها أنك رسول الله ؟ فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه بأن يريهم آية. فأراهم القمر قد انشق فرقتين : فرقة فوق الجبل – أي جبل أبي قبيس – وفرقة دونه، حتى رأوا حراء بينهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( اشهدوا )). ورأت قريش هذه الآية جهاراً، بوضوح، ولوقت طويل، فسقط في أيديهم وبهتوا، لكنهم لم يؤمنوا، بل قالوا : هذا سحر ابن أبي كبشة، لقد سحرنا محمد، فقال رجل : إن قد سحركم فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فانتظروا ما يأتيكم به السفار، فجاء السفار فسألوهم، فقالوا : نعم قد رأيناه. ولكن قريشاً مع ذلك أصروا على كفرهم واتبعوا أهواءهم. وكأن انشقاق القمر كان كالتمهيد لما هو أكبر وأهم حدثاً من ذلك، وهو الإسراء والمعراج، فإن رؤية القمر هكذا منشقًّا بعين اليقين تسهل على الذهن قبول إمكان الإسراء والمعراج والله أعلم.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:29 pm | |
| ثم عرج به إلى السماء الثانية فاستفتح له جبريل ففتح. فرأى فيها ابني الخالة يحيى بن زكريا، وعيسى ابن مريم عليهم السلام، فسلم عليهما، فردا عليه ورحبا به وأقرا بنبوته. ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فرأى فيها يوسف عليه السلام، وكان قد أعطى الشطر الحسن. فسلم عليه، فرد عليه ورحب به وأقر بنبوته. ثم عرج إلى السماء الرابعة، فرأى فيها إدريس عليه السلام، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به وأقر بنبوته. ثم عرج إلى السماء الخامسة، فرأى فيها هارون بن عمران عليه السلام، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به وأقر بنبوته. ثم عرج إلى السماء السادسة، فلقي فيها موسى بن عمران عليه السلام، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به وأقر بنبوته. فلما جاوزه بكى. فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : أبكي لأن غلاماً بعث من بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي. ثم عرج به إلى السماء السابعة، فلقي فيها إبراهيم عليه السلام، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به وأقر بنبوته، وكان مسنداً ظهره إلى البيت المعمور، وهو بيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه. ثم رفع إلى سدرة المنتهى، فإذا أوراقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال – أي الجرار الكبيرة – ثم غشيها فراش من ذهب، وغشيها من أمر الله ما غشيها، فتغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها. ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله، فدنا منه، حتى كان قاب قوسين أو أدنى. فأوحى إلى عبده ما أوحى. وفرض عليه وعلى أمته خمسين صلاة في كل يوم وليلة. فرجع حتى مر موسى عليه السلام فقال : بم أمر ربك ؟ قال : (( بخمسين صلاة )) قال : إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف. فالتفت إلى جبريل عليه السلام. فأشار أن نعم إن شئت. فرجع فوضع عنه عشراً. ثم مر بموسى عليه السلام فسأله فأخبره فأشار عليه بالتخفيف. فلم يزل يتردد بين موسى عليه السلام وبين الله عز وجل، حتى جعلها خمساً. ثم مر بموسى عليه السلام فأشار بالرجوع وسؤال التخفيف وقال : والله لقد راودت بني إسرائيل على أدنى من هذا فضعفوا عنه وتركوه، فقال صلى الله عليه وسلم : (( استحييت من ربي، ولكني أرضى وأسلم )) فلما بَعُدَ نودي أن قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، هي خمس وهن خمسون، لا يبدل القول لدي.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:32 pm | |
| ثم عرج به إلى السماء الثانية فاستفتح له جبريل ففتح. فرأى فيها ابني الخالة يحيى بن زكريا، وعيسى ابن مريم عليهم السلام، فسلم عليهما، فردا عليه ورحبا به وأقرا بنبوته. ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فرأى فيها يوسف عليه السلام، وكان قد أعطى الشطر الحسن. فسلم عليه، فرد عليه ورحب به وأقر بنبوته. ثم عرج إلى السماء الرابعة، فرأى فيها إدريس عليه السلام، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به وأقر بنبوته. ثم عرج إلى السماء الخامسة، فرأى فيها هارون بن عمران عليه السلام، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به وأقر بنبوته. ثم عرج إلى السماء السادسة، فلقي فيها موسى بن عمران عليه السلام، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به وأقر بنبوته. فلما جاوزه بكى. فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : أبكي لأن غلاماً بعث من بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي. ثم عرج به إلى السماء السابعة، فلقي فيها إبراهيم عليه السلام، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به وأقر بنبوته، وكان مسنداً ظهره إلى البيت المعمور، وهو بيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه. ثم رفع إلى سدرة المنتهى، فإذا أوراقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال – أي الجرار الكبيرة – ثم غشيها فراش من ذهب، وغشيها من أمر الله ما غشيها، فتغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها. ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله، فدنا منه، حتى كان قاب قوسين أو أدنى. فأوحى إلى عبده ما أوحى. وفرض عليه وعلى أمته خمسين صلاة في كل يوم وليلة. فرجع حتى مر موسى عليه السلام فقال : بم أمر ربك ؟ قال : (( بخمسين صلاة )) قال : إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف. فالتفت إلى جبريل عليه السلام. فأشار أن نعم إن شئت. فرجع فوضع عنه عشراً. ثم مر بموسى عليه السلام فسأله فأخبره فأشار عليه بالتخفيف. فلم يزل يتردد بين موسى عليه السلام وبين الله عز وجل، حتى جعلها خمساً. ثم مر بموسى عليه السلام فأشار بالرجوع وسؤال التخفيف وقال : والله لقد راودت بني إسرائيل على أدنى من هذا فضعفوا عنه وتركوه، فقال صلى الله عليه وسلم : (( استحييت من ربي، ولكني أرضى وأسلم )) فلما بَعُدَ نودي أن قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، هي خمس وهن خمسون، لا يبدل القول لدي.
| |
|
| |
| سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) | |
|