كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:37 pm | |
| [size=24] [size=12][size=21]ثم رجع عليه السلام من ليلته إلى مكة المكرمة، فلما أصبح في قومه أخبرهم بما أراه الله عز وجل من آياته الكبرى، فاشتد تكذبيهم له وأذاهم واستضرارهم عليه، فمنهم من صفق. ومنهم من وضع يده على رأسه تعجباً وإنكاراً. وسعى رجال إلى أبي بكر الصديق، وأخبروه الخبر. فقال : إن كان قال ذلك فقد صدق. قالوا : أتصدقه على ذلك ؟ قال : إني لأصدقه على أبعد من ذلك. أصدقه على خبر السماء في غدوة أو روحة، فسمى الصديق. وقام الكفار يمتحنونه فسألوه أن يصف لهم بيت المقدس. ولم يكن رآه قبل ذلك. فجلاه الله له حتى عاينه. فطفق يخبرهم عن آياته، يصفه لهم باباً باباً وموضعاً موضعاً، فلم يستطيعوا أن يردوا عليه، بل قالوا : أما النعت فوالله لقد أصاب. وسألوه عن عير لهم قادمة من الشام. فأخبرهم بعدد جمالها وأحوالها ووقت قدومها، وعن البعير الذي يقدمها، وكان الأمر كما قال. ولكن أبى الظالمون إلا كفورا. وصبيحة يوم الإسراء جاء جبريل عليه السلام وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم كيفية الصلوات الخمس وأوقاتها، وكانت الصلاة قبل ذلك ركعتين في الصباح. وركعتين في المساء.
[/size][/size][/size] | |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:38 pm | |
| عرض الإسلام على القبائل والأفراد
كان من دأب رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أمره الله بالجهر بالدعوة أنه كان يخرج في موسم الحج وأيام أسواق العرب إلى منازل القبائل فيدعوهم إلى الإسلام. وأشهر أسواق العرب في الجاهلية وأقربها إلى مكة ثلاثة : عكاظ ومجنة وذو المجاز، وعكاظ قرية بين نخلة والطائف. كانوا يقيمون بها السوق من أول شهر ذي القعدة إلى عشرين منه. ثم ينتقلون منها إلى مجنة، فيقيمون بها السوق إلى نهاية شهر ذي القعدة، وهي موضع في وادي مر الظهران أسفل مكة. وأما ذو المجاز فهو خلف جبل عرفة أي خلف جبل الرحمة، وكانوا يقيمون هناك السوق من أول ذي الحجة إلى الثامن منه، ثم يتفرغون لأداء مناسك الحج. وممن أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام، وعرض عليهم نفسه ليؤوه وينصروه : بنو عامر بن صعصعة، وبنو محارب بن خصفة، وبنو فزارة، وغسان، ومرة، وبنو حنيفة، وبنو سليم، وبنو عبس، وبنو نصر، وبنو البكاء، وكندة، وكلب، وبنو الحارث بن كعب، وعذرة، والحضارمة. فلم يستجب له منهم أحد. ولكنهم اختلفوا في أساليب ردودهم. فمنهم من رد عليه ردًّا جميلاً، ومنهم من اشترط لنفسه أن تكون له الرئاسة بعده. ومنهم من قال : أسرتك وعشيرتك أعلم بك، حيث لم يتبعوك. ومنهم من رد عليه ردًّا قبيحاً. وكان بنو حنيفة رهط مسيلمة الكذاب أقبحهم ردًّا.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:39 pm | |
| المؤمنون من غير أهل مكة : وقدر الله أن يؤمن رجال من غير أهل مكة في الزمن الذي كانت الدعوة تمر فيه بأصعب مراحلها في مكة، فكانوا كجذوة أمل أضاءت في ظلام اليأس. فمنهم : 1- سويد بن الصامت : كان شاعراً لبيباً، من سكان يثرب، يسمى بالكامل، لشرفه وشعره. أتى مكة حاجًّا أو معتمراً. فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فعرض هو على رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمة لقمان، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فأسلم، وقال : إن هذا قول حسن. قتل في وقعة بين الأوس والخزرج قبل يوم بعاث.
- إياس بن معاذ : كان غلاماً حدثاً من سكان يثرب، قدم مكة في أوائل سنة 11 من النبوة، في وفد من الأوس كانوا يلتمسون الحلف من قريش على الخزرج، فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فقال إياس : هذا والله خير مما جئتم له. فرمى أبو الحيسر - أحد أعضاء الوفد – تراب البطحاء في وجه إياس، وقال : دعنا عنك، لقد جئنا لغير هذا، فسكت، ولم يلبث بعد رجوعهم إلى يثرب أن هلك، وكان يهلل ويكبر ويحمد ويسبح عند موته، ولا يشك قومه أنه مات مسلماً.
- أبو ذر الغفاري : بلغ إليه خبر مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسبب إسلام سويد بن الصامت وإياس بن معاذ. فأرسل أخاه إلى مكة ليأتي بالخبر. فذهب ورجع، ولم يشفه، فخرج بنفسه حتى نزل بمكة في المسجد الحرام. وبقي فيه نحو شهر، يشرب ماء زمزم، وهو طعامه وشرابه، ولا يسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم أحداً خوفاً على نفسه، ثم استتبعه علي رضي الله عنه حتى دخل به على النبي صلى الله عليه وسلم فطلب منه أبو ذر أن يعرض عليه الإسلام، فعرضه عليه فاسلم مكانه، ثم جاء إلى المسجد الحرام وقال : أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. فانقض عليه قريش، وضربوه ليموت، فأنقذه العباس، فلما أصبح الغد قال مثل ما قال بالأمس، وضربوه مثل ما ضربوه بالأمس. وأنقذه العباس كما أنقذه بالأمس. ورجع أبو ذر إلى مساكن قومه بني غفار. فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر إليها.
- طفيل بن عمرو الدوسي : كان شاعراً لبيباً، رئيس قبيلته دوس في ناحية اليمن. قدم مكة سنة 11 من النبوة. فاستقبله أهل مكة، وحذروه من النبي صلى الله عليه وسلم حتى حشا أذنه الكرسف حين جاء إلى المسجد الحرام، كي لا يسمع منه صلى الله عليه وسلم شيئاً. وكان صلى الله عليه وسلم قائماً يصلي عند الكعبة، فوقع في أذنه من شيء، فاستحسنه، فقال في نفسه : إني لبيب وشاعر ما يخفى عليّ الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان حسناً قبلته، وإن كان قبيحاً تركته. فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته تبعه حتى دخل بيته، وذكر قصته، وطلب منه صلى الله عليه وسلم أن يعرض عليه أمره، فعرض عليه الإسلام، وتلا عليه القرآن فأسلم وشهد شهادة الحق، وقال : إني مطاع في قومي، وراجع إليهم، وداعيهم إلى الإسلام، فادع الله أن يجعل لي آية، فدعا له. فلما قرب من قومه استنار وجهه كالمصباح. فدعا الله أن يجعله في غير وجهه، فتحول النور إلى سوطه. فلما دخل على قومه دعاهم إلى الإسلام، فأسلم أبوه وزوجته، وأبطأ القوم، لكنه لما هاجر إلى المدينة بعد الحديبية كان معه سبعون أو ثمانون بيتاً من قومه
5- ضماد الأزدي : من أذد شنوءة من اليمن، كان يرقي من الجنون والجن والشياطين. فجاء إلى مكة فسمع سفهاءها يقولون : إن محمداً مجنون، فجاء ليرقيه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الحمد لله، نحمد، ونستعينه، ومن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد : فاستعاد ضماد هذه الكلمات ثلاث مرات، ثم قال : سمعت قول الكهنة والسحرة والشعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، لقد بلغن قاموس البحر، هات يدك أبايعك على الإسلام، فبايعه.
الإسلام في المدينة : ستة سعداء من أهل يثرب كلهم من الخزرج وهم : أسعد بن زرارة. عوف بن الحارث بن رفاعة ( عوف بن عفراء ). رافع بن مالك بن العجلان. قطبة بن عامر بن حديدة. عقبة بن عامر بن نابي. جابر بن عبدالله بن رئاب. جاء هؤلاء إلى الحج في جملة من جاء سنة 11 من النبوة، وكان أهل يثرب يسمعون من اليهود حينما ينالون منهم من الحرب ونحوها : أن نبيًّا سيبعث الآن، قد أظل زمان بعثته، فنقتلكم معه قتل عاد وإرم، فلما كانوا بعقبة منى مر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً، وهم يتكلمون، فلما سمع الصوت عمدهم حتى لحقهم، وقال : (( من أنتم ؟ )) قالوا : نفر من الخزرج. قال : (( موالي اليهود ؟ )) أي حلفاؤهم. قالوا : نعم، قال : (( أفلا تجلسون أكلمكم ؟ )) قالوا : بلى ! فجلسوا معه، فشرح لهم حقيقة الإسلام، وتلا عليهم القرآن، ودعاهم إلى الله عز وجل فقال بعضهم لبعض : تعلمون والله إنه للنبي الذي توعدكم به اليهود، فلا تسبقنكم إليه، فأسرعوا إلي الإسلام. وقالوا : إنا قد تركنا قومنا وبينهم من العداوة والشر ما بينهم، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك. ووعدوه القيام بالدعوة إلى دينه، والمقابلة في الحج القادم.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:40 pm | |
| بيعة العقبة الثانية
وفي موسم الحج سنة 13 من النبوة قدم كثير من أهل يثرب من المسلمين والمشركين. وقد قرر المسلمون أن لا يتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة يطوف في جبالها، ويطرد ويخاف، فاتصلوا به سرّا. واتفقوا على عقد اجتماع سري في أوسط أيام التشريق ليلاً في الشعب الذي عند جمرة العقبة. فلما جاء الموعد ناموا في رحالهم مع قومهم، حتى إذا مضى ثلث الليل الأول أخذوا يتسللون، فيخرج الرجل والرجلان حتى اجتمعوا عند العقبةن وهم ثلاثة وسبعون رجلاً، اثنان وستون من الخزرج، وأحد عشر من الأوس، ومعهم امرأتان : نسيبة بنت كعب من بني النجار، وأسماء بنت عمرو من بني سلمة. وجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس بن عبدالمطلب. كان على دين قومه، ولكن أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، ويتوثق له. وكان العباس أول من تكلم، فقال لهم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال في عز من قومه. ومنعة في بلده، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإلا فمن الآن فدعوه. فأجاب المتكلم عنهم وهو البراء بن معرور وقال : نريد الوفاء والصدق وبذل الأرواح دون رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم يا رسول الله ! فخذ لنفسك ولربك ما أحببت. فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا القرآن ودعا إلى الله، ورغب في الإسلام واشترط لربه : 1- أن يعبدوه وحده، ولا يشركوا به شيئاً. واشترط لنفسه ولربه أيضاً أنهم قالوا له على ما نبايعك ؟ فقال : 2- على السمع والطاعة في النشاط والكسل. 3- وعلى النفقة في العسر واليسر. 4- وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 5- وعلى أن تقوموا في الله، لا تأخذكم في الله لومة لائم. 6- وعلى أن تنصروني إذا قدمت إليكم، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم. ولكم الجنة. 7- وفي رواية عن عبادة : ( بايعناه ) على أن لا ننازع الأمر أهله. فأخذه بيده صلى الله عليه وسلم البراء بن معرور وقال : نعم. والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع عنه أزرنا. فبايعناه، فنحن والله أبناء الحرب وأهل الحلقة : أي السلاح، ورثناها كابراً عن كابر. فقاطعه أبو الهيثم بن التيهان قائلاً : يا رسول الله ! إن بيننا وبين الرجال حبالاً : أي عهوداً وروابط، وإنا قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : (( بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم )). وفي هذه اللحظة الحاسمة تقدم العباس بن عبادة بن نضلة وقال : هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل ؟ تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس، فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة، وأشرافكم قتلا أسلمتموه فمن الآن، فإنه خزي الدنيا والآخرة، وإن كنتم ترون أنكم وافون له على نهكة الأموال وقتل الأشراف فخذوه، فهو والله خير الدنيا والآخرة. قالوا : فإنا نأخذه على مصيبة الأموال، وقتل الأشراف، فمالنا بذلك يا رسول الله ؟ قال : (( الجنة )). قالوا : اسط يدك. فبسط يده. فقاموا ليبايعوه. فأخذ بيده أسعد بن زرارة، وقال : رويداً يا أهل يثرب ! إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه، وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون على أنفسكم خيفة فذروه، فهو أعذر لكم عند الله. قالوا : يأ أسعد ! أمطعنا يدك، فوالله لا ننذر هذه البيعة ولا نستقيلها، فقاموا إليه رجلاً رجلاً وبايعوه. وكان أسعد بن زرارة هو أول المبايعين على أرجح الأقوال. وقيل : بل أبو الهيثم بن التيهان. وقيل : بل البراء بن معرور. أما بيعة المرأتين فكانت قولاً بدون مصافحة.
اثنا عشر نقيباً : وبعد البيعة طلب منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا اثني عشر نقيباً يكونون عليهم. ويكفلون المسئولية عنهم، فأخرجوا تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس. أما من الخزرج فهم : 1- سعد بن عبادة بن دليم. 2- أسعد بن زرارة بن عدس. 3- سعد بن الربيع بن عمرو. 4- عبدالله بن رواحة بن ثعلبة. 5- رافع بن مالك بن العجلان. 6- البراء بن معرور بن صخر. 7- عبدالله بن عمرو بن حرام. 8- عبادة بن الصامت بن قيس. 9- المنذر بن عمرو بن خنيس. * وأما من الأوس فهم : 10- أسيد بن حضير بن سماك. 11- سعد بن خيثمة بن الحارث. 12- رفاعة بن عبدالمنذر بن زبير، وقيل : أبو الهيثم بن التيهان. فلما تم اختيارهم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء، ككفالة الحواريين لعيسى ابن مريم، وأنا كفيل على قومي )) قالوا : نعم. هذه هي بيعة العقبة الثانية، وكانت حقًّا أعظم بيعة وأهمها في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تغير مجرى الأحداث وتحول خط التاريخ. ولما تمت البيعة وكاد الناس ينفضون اكتشفها أحد الشياطين، وصاح بأنفذ صوت سمع قط : يا أهل الأخاشيب – المنازل – هل لكم في محمد، والصباة معه. قد اجتمعوا على حربكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أما والله يا عدو الله لأتفرغن لك )). وأمرهم أن ينفضوا إلى رحالهم فرجعوا وناموا حتى أصبحوا. وصباحاً جاءت قريش إلى خيام أهل يثرب ليقدموا الاحتجاج إليهم، فقال المشركون : هذا خبر باطل، ما كان من شيء. وسكت المسلمون، فصدقت قريش المشركين ورجعوا خائبين. وأخيراً تأكد لدى قريش أن الخبر صحيح، فأسرع فرسانهم في طلب أهل يثرب، فأدركوا سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو عند أذاخر، فأما المنذر فأعجز القوم هربا، وأما سعد فأخذوه وربطوه وضربوه وجروا شعره حتى أدخلوه مكة، فخلصه المطعم بن عدي والحارث بن حرب. إذ كان يجير لهما قوافلهما بالمدينة، وأراد الأنصار أن يكروا إلى مكة إذ طلع عليهم سعد قادماً، فرحلوا إلى المدينة سالمين.
هجرة المسلمين إلى المدينة
بعد هذه البيعة – بيعة العقبة الثانية – بدأت هجرة عامة المسلمين إلى المدينة، بينما كان بعض الصحابة قد هاجر قبلها. وقد أري رسول الله صلى الله عليه وسلم دار هجرة المسلمين وأخبرهم بها. قال : (( رأيت أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلى – أي ظني – إلى اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب )) ، وفي رواية : (( أريت دار هجرتكم سبخة بين ظهراني حرتين، فإما أن يكون هجر أو يثرب )) . وأول من هاجر أبو سلمة المخزومي زوج أم سلمة. خرج مع زوجته وابنه، فمنعها قومها منه، وانتزع آل أبي سلمة ولده منها. فانطلق أبو سلمة وحده إلى المدينة، وذلك قبل بيعة العقبة بنحو سنة ثم أطلقوا زوجته بعد نحو سنة فلحقت به.
وهاجر بعد أبي سلمة عامر بن ربيعة وزوجته ليلى بنت أبي حثمة، وعبدالله بن أم مكتوم، فلما تمت البيعة تتابع المسلمون في الهجرة، وكانوا يتسللون خفية، خشية قريش، حتى هاجر عمر بن الخطاب، فخرج علناً، وتحدى قريشاً، فلم يجتري أحد على الوقوف في وجهه.وقدم إلى المدينة في عشرين من الصحابة. وهاجر المسلمون كلهم إلى المدينة، ورجع إليها عامو من كان بأرض الحبشة. ولم يبق بمكة منهم إلا أبو بكر وعلي وصهيب وزيد بن حارثة وقليل من المستضعفين الذين لم يقدروا على الهجرة، وتجهز أبو بكر للهجرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي )) فقال أبو بكر : فهل ترجو ذلك بأبي أنت ؟ قال : (( نعم )) . فحبس أبو بكر نفسه عليه ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر، استعداداً لذلك.
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:41 pm | |
| قريش في دار الندوة وقرارهم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم
وجن جنون قريش لما رأوا أن المسلمين وجدوا دار حفظ ومنعة، ورأوا في هجرتهم واجتماعهم بالمدينة خطراً على دينهم وكيانهم وتجارتهم، فاجتمعوا في دار الندوة صباح يوم الخميس 26 من شهر صفر سنة 14 من النبوة، ليدرسوا خطة تفيد التخلص من هذا الخطر. خاصة وأن صاحب الدعوة صلى الله عليه وسلم لا يزال في مكة، ويخشى أن يخرج منها في عشية أو ضحاها. وقد حضر الاجتماع وجوه بارزة من سادات قريش. وحضره أيضاً إبليس في صورة شيخ جليل من أهل نجد بعد أن استأذنهم. وطرحت القضية على المجتمعين، فقال أبو الأسود نخرجه من أرضنا، ونصلح أمرنا، ولا نبالي أين ذهب. قال الشيخ النجدي : إنكم ترون حسن حديثه، وحلاوة منطقه، وغلبته على قلوب الرجال، فإذا خرج فلا غرو أن يحل على حي من العرب فتجتمع حوله الجموع، فيطأكم بهم في بلادكم، ثم يفعل بكم ما أراد. رأوا فيه رأياً غير هذا. قال أبو البختري : احبسوه وأغلقوا عليه الباب، حتى يدركه ما أدركه الشعراء قبله من الموت. قال الشيخ النجدي : والله لئن حبستموه ليخرجن أمره إلى أصحابه، وهم يفضلونه على الآباء والأبناء، فأوشكوا أن يثبوا عليكم، وينزعوه منكم، ثم يكاثروكم به، حتى يغلبوا على أمركم، فانظروا في غير هذا الرأي. قال الطاغية أبو جهل : إن لي فيه رأياً ما أراكم ما أراكم وقعتم عليه بعد. نأخذ من كل قبيلة فتى شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا، ونعطي كلاًّ منهم سيفاً صارماً، ثم يعمدوا إليه فيضربوه ضربة رجل واحد، فيقتلوه. فيتفرق دمه في القبائل، فلا يقدر بنو عبد مناف على حرب قريش كلهم، فيرضون بالدية فنعطيها لهم. قال الشيخ النجدي : القول ما قال الرجل : هذا الرأي الذي لا رأي غيره. وأقر المجتمعون هذا الرأي، وانفضوا، وأخذوا يستعدون ويرتبون أنفسهم لتنفيذ هذا القرار.
فجاء جبريل فأخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك . وأمره ألا ينام في مضجعه تلك الليلة .
وجاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - إلى أبي بكر نصف النهار - في ساعة لم يكن يأتيه فيها - متقنعا ، فقال : " أخرج من عندك " فقال : إنما هم أهلك يا رسول اللَّه . فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - : " إن اللَّه قد أذن لي في الخروج " فقال أبو بكر : الصحبة يا رسول اللَّه . قال : " نعم " فقال أبو بكر : فخذ - بأبي أنت وأمي - إحدى راحلتي هاتين فقال : بالثمن .
وأمر عليا أن يبيت تلك الليلة على فراشه .
واجتمع أولئك النفر يتطلعون من صير الباب ويرصدونه يريدون بياته ويأتمرون أيهم يكون أشقاها ؟ فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - عليهم . فأخذ حفنة من البطحاء فذرها على رءوسهم وهو يتلو وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ وأنزل اللَّه وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ .
ومضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - إلى بيت أبي بكر . فخرجا من خوخة في بيت أبي بكر ليلا . فجاء رجل فرأى القوم ببابه ، فقال : ما تنتظرون ؟ قالوا : محمدا . قال : خبتم وخسرتم قد واللَّه مر بكم وذر على رءوسكم التراب . قالوا : واللَّه ما أبصرناه وقاموا ينفضون التراب عن رءوسهم .
فلما أصبحوا : قام علي -رضي اللَّه عنه- عن الفراش فسألوه عن محمد ؟ فقال لا علم لي به . ومضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - وأبو بكر إلى غار ثور ، فنسجت العنكبوت على بابه .
وكانا قد استأجرا عبد اللَّه بن أريقط الليثي وكان هاديا ماهرا - وكان على دين قومه - وأمناه على ذلك وسلما إليه راحلتيهما ، وواعداه غار ثور بعد ثلاث .
وجدت قريش في طلبهما ، وأخذوا معهم القافة حتى انتهوا إلى باب الغار . فوقفوا عليه . فقال أبو بكر يا رسول اللَّه لو أن أحدهم نظر إلى ما تحت قدميه لأبصرنا . فقال : ما ظنك باثنين اللَّه ثالثهما ؟ لا تحزن إن اللَّه معنا .
وكانا يسمعان كلامهم إلا أن اللَّه عمى عليهم أمرهما .
وعامر بن فهيرة يرعى غنما لأبي بكر ويتسمع ما يقال عنهما بمكة . ثم يأتيهما بالخبر ليلا . فإذا كان السحر سرح مع الناس .
قالت عائشة : فجهزناهما أحث الجهاز . وصنعنا لهما سفرة في جراب . فقطعت أسماء بنت أبي بكر . قطعة من نطاقها ، فأوكت به فم الجراب وقطعت الأخرى عصاما للقربة . فبذلك لقبت " ذات النطاقين " .
ومكثا في الغار ثلاثا . حتى خمدت نار الطلب . فجاءهما ابن أريقط بالراحلتين فارتحلا ، وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة .
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:42 pm | |
| قصة سراقة بن مالك
فلما أيس المشركون منهما جعلوا لمن جاء فيهما دية كل واحد منهما ، لمن يأتي بهما أو بأحدهما . فجد الناس في الطلب . واللَّه غالب على أمره .
فلما مروا بحي من مدلج مصعدين من قديد . بصر بهم رجل فوقف على الحي . فقال لقد رأيت آنفا بالساحل أسودة ، وما أراها إلا محمدا وأصحابه .
ففطن بالأمر سراقة بن مالك ، فأراد أن يكون الظفر له . وقد سبق له من الظفر ما لم يكن في حسابه . فقال : بل هما فلان وفلان خرجا في طلب حاجة لهما . ثم مكث قليلا . ثم قام فدخل خباءه وقال لجاريته : أخرجي بالفرس من وراء الخباء وموعدك وراء الأكمة . ثم أخذ رمحه وخفض عاليه يخط به الأرض حتى ركب فرسه . فلما قرب منهم وسمع قراءة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - وأبو بكر يكثر الالتفات ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - لا يلتفت - قال أبو بكر : يا رسول اللَّه هذا سراقة بن مالك قد رهقنا . فدعا عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - فساخت يدا فرسه في الأرض .
فقال قد علمت أن الذي أصابني بدعائكما . فادعوا اللَّه لي ، ولكما أن أرد الناس عنكما ، فدعا له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - فخلصت يدا فرسه . فانطلق . وسأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - أن يكتب له كتابا ، فكتب له أبو بكر بأمره في أديم . وكان الكتاب معه إلى يوم فتح مكة . فجاء به فوفى له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - .
فرجع . فوجد الناس في الطلب فجعل يقول : قد استبرأت لكم الخبر وقد كفيتم ما هاهنا . فكان أول النهار جاهدا عليهما . وكان آخره حارسا لهما .
قصة أم معبد
ثم مروا بخيمة أم معبد الخزاعية ، وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة ثم تطعم وتسقي من مر بها ، فسألاها : هل عندها شيء يشترونه ؟ فقالت واللَّه لو عندنا شيء ما أعوزكم القرى . والشاء عازب - وكانت سنة شهباء - فنظر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - إلى شاة في كسر الخيمة فقال ما هذه الشاة ؟ قالت خلفها الجهد عن الغنم . فقال هل بها من لبن ؟ قالت : هي أجهد من ذلك . قال أتأذنين لي أن أحلبها ؟ قالت : نعم - بأبي أنت وأمي - إن رأيت بها حليبا فاحلبها .
فمسح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - بيده ضرعها ، وسمى اللَّه ودعا ، فتفاجت عليه ودرت . فدعا بإناء لها يربض الرهط فحلب فيه حتى علته الرغوة فسقاها فشربت حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا . ثم شرب هو . وحلب فيه ثانيا فملأ الإناء . ثم غادره عندها وارتحلوا .
فقل ما لبثت أن جاء زوجها يسوق أعنزا عجافا يتساوكن هزالا . فلما رأى اللبن قال : من أين هذا ؟ والشاء عازب . ولا حلوبة في البيت ؟ . قالت : لا واللَّه إلا أنه مر بنا رجل مبارك ، من حديثه كيت وكيت ، قال : واللَّه إني لأراه صاحب قريش الذي تطلبه . صفيه لي يا أم معبد .
قالت : ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة وسيم قسيم في عينيه دعج وفي أشفاره وطف وفي صورته صحل وفي عنقه سطع . وفي لحيته كثاثة أحور أكحل أزج أقرن شديد سواد الشعر إذا صمت علاه الوقار وإذا تكلم علاه البهاء أجمل الناس وأبهاه من بعيد وأحسنه وأحلاه من قريب . حلو المنطق ، فصل : لا نذر ولا هذر كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن ربعة لا تقتحمه عين من قصر ولا تشنؤه من طول . غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرا ، وأحسنهم قدرا . له رفقاء يحفون به . إذا قال استمعوا لقوله . وإذا أمر تبادروا إلى أمره محفود محشود . لا عابس ولا مفند .
قال أبو معبد : هذا - واللَّه - صاحب قريش الذي تطلبه . ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن ، إن وجدت إلى ذلك سبيلا .
وأصبح صوت عال بمكة يسمعونه ولا يرون القائل يقول :
جـزى اللَّـه رب الناس خير جزائه همـــا نـــزلا بـــالبر وارتحـــلا بـــه فيــالقصي مــا زوى اللَّـه عنكمـو وقــد غـادرت وهنـا لديهـا بحـالب سـلوا أخـتكم عـن شاتها وإنائها ؟ دعاهـــا بشــاة حــائل فتحــلبت لقـد خـاب قـوم زال عنهم نبيهم ترحـل عـن قـوم فـزالت عقـولهم هــداهم بــه - بعــد الضلالـة - ربهـم وقـد نـزلت منـه علـى أهل يثرب نبـي يرى ما لا يرى الناس حوله وإن قــال فـي يـوم مقالـة غـائب ليهـــن أبـــا بكـــر ســعادة جــده ويهــن بنـي كـعب مكـان فتـاتهم رفيقيــن حــلا خـيمتي أم معبـد فـأفلح مـن أمسـى رفيق محمد بــه مـن فخـار لا يحـاذى وسـؤدد يــرد بهــا فــي مصــدر ثــم مـورد فـإنكموا إن تسألوا الشاة تشهد لـــه بصــريح ضــرة الشــاة مزبــد وقـدس مـن يسـري إليه ويغتدي وحـــل علــى قــوم بنــور مجــدد وأرشـدهم من يتبع الحق يرشد ركـاب هدى , حلت عليهم بأسعد ويتلـو كتـاب اللَّـه في كل مشهد فتصديقها في ضحوة اليوم أو غد بصحبتـه مـن يسـعد اللَّـه يسعد ومقعدهــــا للمـــؤمنين بمرصـــد
قالت أسماء بنت أبي بكر . مكثنا ثلاث ليال لا ندري : أين توجه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - ؟ إذ أقبل رجل من الجن من أسفل مكة يتغنى بأبيات غناء العرب ، والناس يتبعونه ويسمعون منه ولا يرونه حتى خرج من أعلى مكة فعرفنا أين توجه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - .
قالت ولما خرج أبو بكر احتمل معه ماله . فدخل علينا جدي أبو قحافة - وقد ذهب بصره - فقال : إني واللَّه لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه . قلت : كلا واللَّه قد ترك لنا خيرا . وأخذت حجارة فوضعتها في كوة البيت . وقلت : ضع يدك على المال . فوضعها ، وقال : لا بأس . إن كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن ، قالت : واللَّه ما ترك لنا شيئا وإنما أردت أن أسكت الشيخ .
دخول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة
ولما بلغ الأنصار مخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - من مكة . كانوا يخرجون كل يوم إلى الحرة ينتظرونه . فإذا اشتد حر الشمس رجعوا إلى منازلهم . فلما كان يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول على رأس ثلاث عشرة سنة من نبوته . خرجوا على عادتهم . فلما حميت الشمس رجعوا ، فصعد رجل من اليهود على أطم من آطام المدينة . فرأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب . فصرخ بأعلى صوته يا بني قيلة هذا صاحبكم قد جاء هذا جدكم الذي تنتظرونه . فثار الأنصار إلى السلاح ليتلقوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - .
وسمعت الوجبة والتكبير في بني عمرو بن عوف . وكبر المسلمون فرحا بقدومه . وخرجوا للقائه فتلقوه وحيوه بتحية النبوة . وأحدقوا به مطيفين حوله .
فلما أتى المدينة ، عدل ذات اليمين حتى نزل بقباء في بني عمرو بن عوف ، ونزل على كلثوم بن الهدم - أو على سعد بن خيثمة - فأقام في بني عمرو بن عوف أربع عشرة ليلة . وأسس مسجد قباء . وهو أول مسجد أسس بعد النبوة .
فلما كان يوم الجمعة ركب . فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف . فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي . ثم ركب . فأخذوا بخطام راحلته يقولون . هلم إلى القوة والمنعة والسلاح . فيقول خلوا سبيلها . فإنها مأمورة فلم تزل ناقته سائرة لا يمر بدار من دور الأنصار ، إلا رغبوا إليه في النزول عليهم فيقول : دعوها فإنها مأمورة فسارت حتى وصلت إلى موضع مسجده اليوم فبركت ولم ينزل عنها ، حتى نهضت وسارت قليلا . ثم رجعت وبركت في موضعها الأول . فنزل عنها .
وذلك في بني النجار ، أخواله -صلى اللَّه عليه وسلم - .
وكان من توفيق اللَّه لها . فإنه أحب أن ينزل على أخواله يكرمهم . فجعل الناس يكلمونه في النزول عليهم . وبادر أبو أيوب خالد بن زيد إلى رحله فأدخله بيته . فجعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - يقول : المرء مع رحله وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بخطام ناقته . فكانت عنده . وأصبح كما قال قيس بن صرمة - وكان ابن عباس يختلف إليه ليحفظها عنه .
ثـوى فـي قـريش بضع عشرة حجة ويعـرض فـي أهـل المواسـم نفسه فلمـــا أتانـــا واســـتقر بـــه النـــوى وأصبـــح لا يخشــى ظلامــة ظــالم بذلنــا لــه الأمــوال مــن جـل مالنـا نعادي الذي عادى من الناس كلهم ونعلــــــم أن اللَّــــــه لا رب غـــــيره يذكـــر لـــو يلقـــى حبيبـــا مواتيـــا فلــم يــر مــن يــؤوي ولـم يـر داعيـا وأصبــــح مســـرورا بطيبـــة راضيـــا بعيـد ولا يخشـى مـن النـاس باغيا وأنفســـنا عنـــد الــوغى والتآســيا جميعــا وإن كـان الحـبيب المصافيـا وأن كتــــاب اللَّــــه أصبــــح هاديــــا
وكما قال حسان بن ثابت رضي اللَّه عنه :
قــومي الـذين همـوا آووا نبيهمـو إلا خصـــائص أقـــوام همـــو تبــع مستبشـرين بقسم اللَّه . قولهمو أهلا وسهلا . ففي أمن وفي سعة فــــأنزلوه بــــدار لا يخــــاف بهــــا وقاســموه بهــا الأمـوال إذ قدمـوا وصدقـــــوه وأهــــل الأرض كفــــار فـي الصـالحين مـع الأنصار أنصار لمــا أتــاهم كــريم الأصـل مختـار نعـم النبـي . ونعـم القسـم والجار مـن كـان جـارهمو . دار هـي الدار مهــاجرين . وقســم الجــاحد النـار
وكما قال :
نصرنــا وآوينــا النبــي محــمدا على أنف راض من معد وراغم
قال ابن عباس : كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - بمكة فأمر بالهجرة . وأنزل اللَّه عليه ، وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم - يعلم ألا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان . فسأل اللَّه سلطانا نصيرا ، فأعطاه . قال البراء . : أول من قدم علينا : مصعب بن عمير ، وابن أم مكتوم ، فجعلا يقرئان الناس القرآن . ثم جاء عمار بن ياسر ، وبلال وسعد ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين راكبا . ثم جاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - . فما رأيت الناس فرحوا بشيء فرحهم به حتى جعل النساء والصبيان والإماء يقلن قدم رسول اللَّه جاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - .
قال أنس شهدته يوم دخل المدينة فما رأيت يوما قط كان أحسن ولا أضوأ من اليوم الذي دخل المدينة علينا . وشهدته يوم مات . فما رأيت يوما قط كان أقبح ولا أظلم من يوم مات .
فأقام في بيت أبي أيوب حتى بنى حجره ومسجده .
وبعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - وهو في منزل أبي أيوب - زيد بن حارثة وأبا رافع . وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم إلى مكة ، فقدما عليه بفاطمة وأم كلثوم ابنتيه . وسودة بنت زمعة زوجه وأسامة بن زيد ، وأم أيمن . وأما زينب فلم يمكنها زوجها أبو العاص بن الربيع من الخروج وخرج عبد اللَّه بن أبي بكر بعيال أبي بكر . وفيهم عائشة .
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:45 pm | |
| بناء المسجد
قال الزهري : بركت ناقة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - عند موضع مسجده وكان مربدا لسهل وسهيل غلامين يتيمين من الأنصار ، كانا في حجر أسعد بن زرارة . فساوم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - الغلامين بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا : بل نهبه لك يا رسول اللَّه . فأبى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاشتراه منهما بعشرة دنانير .
وفي الصحيح أنه قال يا بني النجار ثامنوني بحائطكم قالوا : لا ، واللَّه لا نطلب ثمنه إلا إلى اللَّه . وكان فيه شجر غرقد ونخل وقبور للمشركين . فأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - بالقبور فنبشت وبالنخيل والشجر فقطع . وصفت في قبلة المسجد . وجعل طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع . وفي الجانبين مثل ذلك أو دونه . وأساسه قريبا من ثلاثة أذرع ثم بنوه باللبن . وجعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - يبني معهم وينقل اللبن والحجارة بنفسه ويقول :
اللَّهم إن العيش عيش الآخرة فـــاغفر للأنصـــار والمهـــاجرة
وكان يقول :
هذا الحمال لا حمال خيبر هــــذا أبــــر ربنـــا وأطهـــر
وجعلوا يرتجزون ويقول أحدهم في رجزه :
ولئن قعدنا والرسول يعمل لـذاك منـا العمـل المضلـل
وجعل قبلته إلى بيت المقدس . وجعل له ثلاثة أبواب باب في مؤخره وباب يقال له باب الرحمة . والباب الذي يدخل منه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - . وجعل عمده الجذوع . وسقفه الجريد . وقيل له ألا تسقفه ؟ قال " عريش كعريش موسى " وبنى بيوت نسائه إلى جانبيه . بيوت الحجر باللبن وسقفها بالجذوع والجريد .
بناؤه بعائشة
فلما فرغ من البناء بنى بعائشة في البيت الذي بناه لها شرقي المسجد . وكان بناؤه بها في شوال من السنة الأولى ، وكان بعض الناس . يكره البناء في شوال . قيل إن أصله أن طاعونا وقع في الجاهلية وكانت عائشة تتحرى أن تدخل نساءها في شوال وتخالفهم . وجعل لسودة بيتا آخر .
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:46 pm | |
| المؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين
ثم آخى بين المهاجرين والأنصار ، وكانوا تسعين رجلا . نصفهم من المهاجرين ، ونصفهم من الأنصار ، آخى بينهم على المواساة وعلى أن يتوارثوا بعد الموت دون ذوي الأرحام . إلى وقعة بدر . فلما أنزل اللَّه وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ رد التوارث إلى الأرحام .
وقيل إنه آخى بين المهاجرين بعضهم مع بعض مؤاخاة ثانية . واتخذ عليا أخا لنفسه . والأثبت الأول .
وفي الصحيح عن عائشة قالت " قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - المدينة وهي وبيئة . فمرض أبو بكر . وكان يقول إذا أخذته الحمى :
كــل امـرئ مصبـح فـي أهلـه والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلعت عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول :
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة وهــل أردن يومــا ميـاه مجنـة ؟ بـــواد وحــولي إذخــر وجــليل ؟ وهل يبدون لي شامة وطفيل ؟
اللَّهم العن عتبة بن ربيعة وأمية بن خلف ، وشيبة بن ربيعة كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء .
فأخبرت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - فقال اللَّهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد . اللَّهم صححها . وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حماها إلى الجحفة . قالت فكان المولود يولد في الجحفة فلا يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى . حوادث السنة الأولى
وفي السنة الأولى : زيد في صلاة الحضر ركعتان . فصارت أربع ركعات .
وفيها : نزل أهل الصفة المسجد . وكانت مكانا في المسجد ينزل فيه فقراء المهاجرين الذي لا أهل لهم ولا مال . وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - يفرقهم في أصحابه إذا جاء الليل ويتعشى طائفة منهم معه حتى جاء اللَّه بالغنى .
وهذه السنة الرابعة عشرة من النبوة هي الأولى من الهجرة كما تقدم . ومنها أرخ التاريخ .
وتوفي فيها من الأعيان أسعد بن زرارة قبل أن يفرغ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - من بناء المسجد . وتوفي البراء بن معرور في صفر قبل قدوم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - المدينة . وهو أول من مات من النقباء . وفيها : توفي ضمرة بن جندب . وكان قد مرض بمكة . فقال لبنيه اخرجوا بي منها فخرجوا به يريد الهجرة . فلما بلغ أضاة بني عقار - أو التنعيم - مات . فأنزل اللَّه تعالى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ - الآية .
وكلثوم بن الهدم الذي نزل عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - . وفيها : وادع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - من بالمدينة من اليهود . وكتب بينه وبينهم كتابا .
وهنا أتوقف ولي عودة لسيرة المصطفى اللهم صلي وسلم وبارك عليهـ
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:48 pm | |
| عدنا
حوادث السنة الثانية
وفي السنة الثانية رأى عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربه الأذان فأمره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - أن يلقيه على بلال .
وفيها : فرض صوم رمضان . ونسخ صوم عاشوراء . وبقي صومه مستحبا .
وفيها : زوج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - عليا فاطمة رضي اللَّه عنهما .
وفيها : صرف اللَّه عز وجل القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة .
تحويل القبلة
وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - لما قدم المدينة استقبل بيت المقدس ستة عشر شهرا ، قبلة اليهود . وكان يحب أن يصرفه اللَّه إلى الكعبة . وقال لجبريل ذلك . فقال إنما أنا عبد . فادع ربك واسأله . فجعل يقلب وجهه في السماء يرجو ذلك حتى أنزل اللَّه عليه قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ - الآيات .
وكان في ذلك حكمة عظيمة ومحنة للناس مسلمهم وكافرهم . فأما المسلمون فقالوا آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وهم الذين هدى اللَّه ولم تكن بكبيرة عليهم .
وأما المشركون فقالوا كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا ، وأما اليهود فقالوا . مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا
وأما المنافقون فقالوا إن كانت القبلة الأولى حقا : فقد تركها . وإن كانت الثانية هي الحق فقد كان على باطل .
ولما كان ذلك عظيما وطأ اللَّه سبحانه قبله أمر النسخ وقدرته عليه وأنه سبحانه يأتي بخير من المنسوخ أو مثله . ثم عقب ذلك بالمعاتبة لمن تعنت على رسوله ولم ينقد له . ثم ذكر بعده اختلاف اليهود والنصارى ، وشهادة بعضهم على بعض بأنهم ليسوا على شيء . ثم ذكر شركهم بقولهم اتخذ اللَّه ولدا .
ثم أخبر أن المشرق والمغرب لله . فأينما ولى عباده وجوههم فثم وجهه . وأخبر رسوله أن أهل الكتاب لا يرضون عنه حتى يتبع قبلتهم .
ثم ذكر خليله إبراهيم وبناءه البيت بمعاونة ابنه إسماعيل عليهما السلام وأنه جعل إبراهيم إماما للناس وأنه لا يرغب عن ملته إلا من سفه نفسه .
ثم أمر عباده أن يأتموا به وأن يؤمنوا بما أنزل إلى رسوله محمد -صلى اللَّه عليه وسلم - وما أنزل إليهم وإلى سائر النبيين .
وأخبر أن اللَّه - الذي يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم - هو الذي هداهم إلى هذه القبلة التي هي أوسط القبل وهم أوسط الأمم كما اختار لهم أفضل الرسل وأفضل الكتب .
وأخبر أنه فعل ذلك لئلا يكون للناس عليهم حجة إلا الظالمين فإنهم يحتجون عليهم بتلك الحجج الباطلة الواهنة . التي لا ينبغي أن تعارض الرسل بأمثالها وليتم نعمته عليه ويهديهم .
ثم ذكر نعمته عليهم بإرسال الرسول الخاتم وإنزال الكتاب . وأمرهم بذكره وشكره ورغبهم في ذلك بأنه يذكر من ذكره ويشكر من شكره .
وأمرهم بما لا يتم ذلك إلا به وهو الاستعانة بالصبر والصلاة . وأخبرهم أنه مع الصابرين .
بعض خصائص رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم -
وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - يبايع أصحابه في الحرب على ألا يفروا ، وربما بايعهم على الموت . وربما بايعهم على الجهاد . وربما بايعهم على الإسلام .
وبايعهم على الهجرة قبل الفتح .
وبايعهم على التوحيد والتزام طاعة اللَّه ورسوله .
وبايع نفرا من أصحابه على ألا يسألوا الناس شيئا . فكان السوط يسقط من أحدهم . فينزل فيأخذه ولا يسأل أحدا أن يناوله إياه .
وكان يبعث البعوث يأتونه بخبر عدوه . ويطلع الطلائع ويبث الحرث والعيون حتى لا يخفى عليه من أمر عدوه شيء .
وكان إذا لقي عدوه دعا اللَّه واستنصر به وأكثر هو وأصحابه من ذكر اللَّه والتضرع له .
وكان كثير المشاورة لأصحابه في الجهاد .
وكان يتخلف في ساقتهم . فيزجي الضعيف ويردف المنقطع .
وكان إذا أراد غزوة ورى بغيرها .
وكان يرتب الجيش والمقاتلة ويجعل في كل جنبة كفؤا لها .
وكان يبارز بين يديه بأمره . وكان يلبس للحرب عدته . وربما ظاهر بين درعين كما فعل يوم بدر .
وكان له ألوية .
وكان إذا ظهر على قوم أقام بانا بحبكتهم ثلاثا ثم قفل .
وكان إذا أراد أن يغير ينتظر . فإذا سمع مؤذنا لم يغر وإلا أغار .
وكان يحب الخروج يوم الخميس بكرة . وكان إذا اشتد البأس اتقوا به وكان أقربهم إلى العدو .
وكان يحب الخيلاء في الحرب . وينهى عن قتل النساء والولدان . وينهى عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو .
أول لواء عقده رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم -
وأول لواء عقده رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - على قول موسى بن عقبة - لواء حمزة بن عبد المطلب في شهر رمضان في السنة الأولى ، بعثه في ثلاثين رجلا من المهاجرين خاصة يعترض عيرا لقريش جاءت من الشام ، فيها أبو جهل في ثلاثمائة رجل حتى بلغوا سيف البحر من ناحية العيص ، فالتقوا واصطفوا للقتال فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني . وكان موادعا للفريقين . فلم يقتتلوا .
| |
|
| |
ريهام ناجى عضو ذهبي
عدد المساهمات : 267 نقاط : 330 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/01/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الخميس فبراير 25, 2010 1:50 pm | |
| وقعة بدر الكبرى يوم الفرقان
فلما كان في رمضان بلغ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - خبر العير المقبلة من الشام مع أبي سفيان فيها أموال قريش فندب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - للخروج إليها فخرج مسرعا في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا . ولم يكن معهم من الخيل إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود . وكان معهم سبعون بعيرا يعتقب الرجلان والثلاثة على بعير . واستخلف على المدينة عبد اللَّه بن أم مكتوم .
فلما كان بالروحاء رد أبا لبابة واستعمله على المدينة .
ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير والراية إلى علي وراية الأنصار إلى سعد بن معاذ .
ولما قرب من الصفراء : بعث بسبس بن عمرو وعدي بن أبي الزغباء يتحسسان أخبار العير .
وبلغ أبا سفيان مخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - . فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري . وبعثه حثيثا إلى مكة مستصرخا قريشا بالنفير إلى عيرهم . فنهضوا مسرعين . ولم يتخلف من أشرافهم سوى أبي لهب . فإنه عوض عنه رجلا بجعل . وحشدوا فيمن حولهم من قبائل العرب . ولم يتخلف عنهم من بطون قريش إلا بني عدي فلم يشهدها منهم أحد وخرجوا من ديارهم كما قال تعالى بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فجمعهم على غير ميعاد كما قال تعالى وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ .
ولما بلغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خروج قريش استشار أصحابه . فتكلم المهاجرون فأحسنوا ثم استشارهم ثانيا . فتكلم المهاجرون . ثم ثالثا . فعلمت الأنصار أن رسول اللَّه إنما يعنيهم ، فقال سعد بن معاذ : كأنك تعرض بنا يا رسول اللَّه ، وكان إنما يعنيهم لأنهم بايعوه على أن يمنعوه في ديارهم ، وكأنك تخشى أن تكون الأنصار ترى عليهم ألا ينصروك إلا في ديارهم . وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم . فامض بنا حيث شئت وصل حبل من شئت واقطع حبل من شئت وخذ من أموالنا ما شئت . وأعطنا ما شئت . وما أخذت منها كان أحب إلينا مما تركت . فواللَّه لئن سرت بنا حتى تبلغ البَرْك من غُمدان لنسيرن معك وواللَّه لئن استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك .
وقال المقداد بن الأسود : إذن لا نقول كما قال قوم موسى لموسى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ولكن نقاتل من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك .
فأشرق وجه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - بما سمع منهم . وقال : سيروا وأبشروا . فإن اللَّه وعدني إحدى الطائفتين . وإني قد رأيت مصارع القوم . وكره بعض الصحابة لقاء النفير وقالوا : لم نستعد لهم فهو قوله تعالى كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ - إلى قوله - وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ .
وسار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - إلى بدر .
وخفض أبو سفيان . فلحق بساحل البحر . وكتب إلى قريش أن ارجعوا فإنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم . فأتاهم الخبر فهموا بالرجوع . فقال أبو جهل : واللَّه لا نرجع حتى نقدم بدرا فنقيم بها نطعم من حضرنا ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان . وتسمع بنا العرب . فلا تزال تهابنا أبدا وتخافنا .
فأشار الأخنس بن شريق عليهم بالرجوع فلم يفعلوا . فرجع هو وبنو زهرة . فلم يزل الأخنس في بني زهرة مطاعا بعدها .
وأراد بنو هاشم الرجوع . فقال أبو جهل لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع فساروا إلا طالب بن أبي طالب . فرجع .
وسار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - حتى نزل على ماء أدنى مياه بدر . فقال الحباب بن المنذر : إن رأيت أن نسير إلى قُلُب - قد عرفناها - كثيرة الماء عذبة فننزل عليها . ونغور ما سواها من المياه ؟ وأنزل اللَّه تلك الليلة مطرا واحدا صلب الرمل . وثبت الأقدام . وربط على قلوبهم .
ومشى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - في موضع المعركة . وجعل يشير بيده ويقول : هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان إن شاء اللَّه . فما تعدى أحد منهم موضع إشارته -صلى اللَّه عليه وسلم - .
فلما طلع المشركون قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - اللَّهم هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها جاءت تحادك وتكذب رسولك . اللَّهم فنصرك الذي وعدتني . اللَّهم أحنهم الغداة وقام ورفع يديه واستنصر ربه وبالغ في التضرع ورفع يديه حتى سقط رداؤه . وقال اللَّهم أنجز لي ما وعدتني اللَّهم إني أنشدك عهدك ووعدك اللَّهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض بعد .
فالتزمه أبو بكر الصديق من ورائه وقال حسبك مناشدتك ربك يا رسول اللَّه . أبشر فوالذي نفسي بيده لينجزن اللَّه لك ما وعدك .
واستنصر المسلمون اللَّه واستغاثوه . فأوحى اللَّه إلى الملائكة أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ وأوحى اللَّه إلى رسوله أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ بكسر الدال وفتحها . قيل إردافا لكم . وقيل يردف بعضهم بعضا لم يجيئوا دفعة واحدة .
فلما أصبحوا أقبلت قريش في كتائبها . وقلل اللَّه المسلمين في أعينهم حتى قال أبو جهل - لما أشار عتبة بن ربيعة بالرجوع خوفا على قريش من التفرق والقطيعة إذا قتلوا أقاربهم - إن ذلك ليس به . ولكنه - يعني عتبة - عرف أن محمدا وأصحابه أكلة جزور وفيهم ابنه فقد تخوفكم عليه .
وقلل اللَّه المشركين أيضا في أعين المسلمين ليقضي اللَّه أمرا كان مفعولا .
وأمر أبو جهل عامر بن الحضرمي - أخا عمرو بن الحضرمي - أن يطلب دم أخيه . فصاح . وكشف عن استه يصرخ واعمراه واعمراه . فحمي القوم . ونشبت الحرب .
وعدل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - الصفوف . ثم انصرف وغفا غفوة . وأخذ المسلمين النعاس وأبو بكر الصديق مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - يحرسه . وعنده سعد بن معاذ وجماعة من الأنصار على باب العريش . فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - يثب في الدرع . ويتلو هذه الآية سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ .
ومنح اللَّه المسلمين أكتاف المشركين . فتناولوهم قتلا وأسرا . فقتلوا سبعين وأسروا سبعين .
وخرج عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة : يطلبون المبارزة . فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار فقالوا : أكفاء كرام . ما لنا بكم من حاجة . إنما نريد من بني عمنا . فبرز إليهم حمزة وعبيدة بن الحارث بن المطلب وعلي بن أبي طالب . فقتل علي قرنه الوليد . وقتل حمزة قرنه شيبة . واختلف عبيدة وعتبة ضربتين كلاهما أثبت صاحبه . فكر حمزة وعلي على قرن عبيدة فقتلاه . واحتملا عبيدة قد قطعت رجله . فقال لو كان أبو طالب حيا لعلم أنا أولى منه بقوله :
ونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل
ومات بالصفراء وفيهم نزلت هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ - الآية فكان علي -رضي اللَّه عنه- يقول أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي اللَّه عز وجل يوم القيامة .
ولما عزمت قريش على الخروج وذكروا ما بينهم وبين بني كنانة من الحرب . فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك . فقال لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فلما تعبئوا للقتال ورأى الملائكة فر ونكص على عقبيه فقالوا : إلى أين يا سراقة ؟ فقال إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ
وظن المنافقون ومن في قلبه مرض أن الغلبة بالكثرة فقالوا غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ فأخبر اللَّه سبحانه أن النصر إنما هو بالتوكل على اللَّه وحده .
ولما دنا العدو قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - فوعظ الناس . وذكرهم بما لهم في الصبر والثبات من النصر وأن اللَّه قد أوجب الجنة لمن يستشهد في سبيله .
فأخرج عمير بن الحمام بن الجموح تمرات من قرنه يأكلهن . ثم قال لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة " فرمى بهن وقاتل حتى قتل فكان أول قتيل .
وأخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - ملء كفه ترابا فرمى به في وجوه القوم . فلم تترك رجلا منهم إلا ملأت عينيه . فهو قوله تعالى وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى .
واستفتح أبو جهل فقال اللَّهم أقطعنا للرحم وأتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة .
ولما وضع المسلمون أيديهم على العدو - يقتلون ويأسرون - وسعد بن معاذ واقف عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - في رجال من الأنصار في العريش - رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - في وجه سعد الكراهية . فقال كأنك تكره ما يصنع الناس ؟ قال أجل واللَّه يا رسول اللَّه كانت أول وقعة أوقعها اللَّه في المشركين . وكان الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال .
ولما بردت الحرب وانهزم العدو قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - من ينظر لنا ما صنع أبو جهل ؟ فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه معوذ وعوف - ابنا عفراء - حتى برد . فأخذ بلحيته فقال أنت أبو جهل ؟ فقال لمن الدائرة اليوم ؟ قال للَّه ورسوله . ثم قال له هل أخزاك اللَّه يا عدو اللَّه ؟ قال وهل فوق رجل قتله قومه ؟ فاحتز رأسه عبد اللَّه بن مسعود . ثم أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - . فقال قتلته فقال " آلله الذي لا إله إلا هو ؟ - ثلاثا - ثم قال : الحمد للَّه الذي صدق وعده ونصر عبده . وهزم الأحزاب وحده . انطلق فأرنيه . فانطلقنا فأريته إياه . فلما وقف عليه قال : هذا فرعون هذه الأمة .
وأسر عبد الرحمن بن عوف أمية بن خلف وابنه عليا . فأبصره بلال - وكان يعذبه بمكة - فقال رأس الكفر أمية ؟ لا نجوت إن نجا . ثم استحمى جماعة من الأنصار . واشتد عبد الرحمن بهما يحجزهما منهم فأدركوهم . فشغلهم عن أمية بابنه علي ففرغوا منه ثم لحقوهما . فقال له عبد الرحمن ابرك . فبرك وألقى عليه عبد الرحمن بنفسه . فضربوه بالسيوف من تحته حتى قتلوه . وأصاب بعض السيوف رجل عبد الرحمن . وكان أمية قد قال له قبل ذاك من المعلم في صدره بريش النعام ؟ فقال له ذاك حمزة بن عبد المطلب . قال ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل .
وانقطع يومئذ سيف عكاشة بن محصن . فأعطاه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - جذلا من حطب فلما أخذه وهزه عاد في يده سيفا طويلا فلم يزل يقاتل به حتى قتل يوم الردة . ولما انقضت الحرب أقبل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - حتى وقف على القتلى . فقال : بئس عشيرة النبي كنتم كذبتموني . وصدقني الناس . وخذلتموني ونصرني الناس . وأخرجتموني . وآواني الناس .
ثم أمر بهم فسحبوا حتى ألقوا في القليب - قليب بدر - ثم وقف عليهم فقال يا عتبة بن ربيعة ويا شيبة بن ربيعة ويا فلان ويا فلان هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا فقال عمر يا رسول اللَّه ما تخاطب من أقوام قد جيفوا ؟ فقال ما أنت بأسمع لما أقول منهم .
ثم ارتحل مؤيدا منصورا قرير العين معه الأسرى والمغانم .
فلما كان بالصفراء قسم الغنائم وضرب عنق النضر بن الحارث . ثم لما نزل بعرق الظبية ضرب عنق عقبة بن أبي معيط .
ثم دخل المدينة مؤيدا منصورا . قد خافه كل عدو له بالمدينة .
فأسلم بشر كثير من أهل المدينة ودخل عبد اللَّه بن أبي رأس المنافقين وأصحابه في الإسلام .
وجملة من حضر بدرا : ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا . واستشهد منهم أربعة عشر رجلا .
قال ابن إسحاق : كان أناس قد أسلموا . فلما هاجر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - حبسهم أهلهم بمكة . وفتنوهم فافتتنوا . ثم ساروا مع قومهم إلى بدر . فأصيبوا فأنزل اللَّه فيهم إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ - الآية .
قسم غنائم بدر
ثم إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - أمر بالغنائم فجمعت فاختلفوا . فقال من جمعها : هي لنا . وقال من هزم العدو لولانا ما أصبتموها ، وقال الذين يحرسون رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - ما أنتم بأحق بها منا . قال عبادة بن الصامت : فنزعها اللَّه من أيدينا . فجعلها إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - فقسمه بين المسلمين وأنزل اللَّه تعالى يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ - الآيات .
وذكر ابن إسحاق عن نبيه بن وهب . قال " فرق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - الأسرى على أصحابه . وقال استوصوا بالأسرى خيرا فكان أبو عزيز بن عمير عند رجل من الأنصار ، فقال له أخوه مصعب شد يدك به . فإن أخته ذات متاع . فقال أبو عزيز يا أخي ، هذه وصيتك بي ؟ فقال مصعب : إنه أخي دونك . قال عزيز وكنت مع رهط من الأنصار حين قفلوا ، فكانوا إذا قدموا طعاما خصوني بالخبز وأكلوا التمر . لوصية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - إياهم بنا ، ما يقع في يد رجل منهم كسرة إلا نفحني بها . قال فأستحي فأردها على أحدهما . فيردها علي ما يمسها .
أسارى بدر
واستشار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - أصحابه في الأسرى وهم سبعون . وكذلك القتلى سبعون أيضا . فأشار الصديق أن يؤخذ منهم فدية تكون لهم قوة . ويطلقهم لعل اللَّه يهديهم للإسلام . فقال عمر لا واللَّه ما أرى ذلك . ولكني أرى أن تمكننا ، فنضرب أعناقهم . فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديد الشرك فهوى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - ما قال أبو بكر . فقال : إن اللَّه عز وجل ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللين وإن اللَّه عز وجل ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة . وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم إذ قال فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى ، إذ قال إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ - الآية وإن مثلك يا عمر كمثل موسى ، قال رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ - الآية وإن مثلك يا عمر كمثل نوح قال رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ثم قال أنتم اليوم عالة . فلا ينفلتن منهم أحد إلا بفداء أو ضرب عنق . فأنزل اللَّه تعالى مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ - الآيتين .
قال عمر فلما كان من الغد غدوت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - فإذا هو قاعد - هو وأبو بكر - يبكيان . فقلت : يا رسول اللَّه أخبرني ما يبكيك ؟ وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد تباكيت لبكائكما .
فقال أبكي للذي عرض علي أصحابك من الغد من أخذهم الفداء . فقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة - لشجرة قريبة منه - وقال لو نزل عذاب ما سلم منه إلا عمر .
وقال الأنصار للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم - نريد أن نترك لابن أختنا العباس فداءه فقال لا تدعوا منه درهما ثم دخلت السنة الثالثة من الهجرة .
| |
|
| |
| سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) | |
|